أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - حكيم نديم الدداوودي - الكاتب والسياسي احمد رجب- وقفة استذكار ووفاء لأيام النضال والمحن من أجل الوطن















المزيد.....



الكاتب والسياسي احمد رجب- وقفة استذكار ووفاء لأيام النضال والمحن من أجل الوطن


حكيم نديم الدداوودي

الحوار المتمدن-العدد: 3094 - 2010 / 8 / 14 - 20:03
المحور: مقابلات و حوارات
    


الكاتب والسياسي أحمد رجب
من أجل الوطن

طلبا للعيش رجعنا إلى موطن الآباء والأجداد في خانقين.

أبلغني الوالد إنه من المحرمات ضرب ابن الشيخ!.

في مدرسة غازي الأول أطلق عليّ المربي الكبير والأستاذ القدير عبدالعزيز بشتيوان لقب باله واني كورد، وتعني في العربية (بطل الكورد).


جـ 1

العودة الى خزين الذاكرة بوحٍ صعب ومريرـ فإستذكار شريط تلك الذكريات هو أشد مرارة على السياسي تحت مسميات الضرورة الملجئة في منفاه الأبدي. الايام تتوالى والاعوام تمر ومعها يشتعل الرأس والروح شيباً وأسى، يمضي ربيع العمر رويداً خلف غيوم الخريف القاسية التي لا ترحم ميعة الشباب. وان شكوت عبء أيامك وكبرك قبل الآوان للقدر، فليس في مقدرته غير مواساتك تجرع مرارة الصبر عليه، وكم شكوا أناسٌ قبلنا رحيل الصبا وكانت تسلية القلوب على فوات تلك الأيام الا ليت الشباب يعود يوماً .......واوراق رجال السياسة لا تخلو من الصورالواقعية، ومن الدقائق الصغيرة ليوميات صناع الحرية للشعب والوطن. فمعا تتوجه النوايا الصادقة لرسم طريق مستقبل الامة المكافحة ، وحينها لا يهم ذلك المبدئي أوصاحب القضية الوطنية الصعاب والتضحيات الجسام من أجل الحفاظ على روح تلك المبادئ والشعارات التي ترسم ماهيات خلاص الجماهير وإسعاد البشرية من ويلات الحروب وخراب بيوت الآمنين، هو ذلك الوفي الذي يبقى ذكره في الوجدان خالداً ، وهو كالزاهد المجذوب لعين الحقيقة لا يمنعه بذل النفس ،ولايثبطه رنين الدرهم والمال، ولا حتى كل المسميات التي تعوقه ساعة الإقدام على أداب واجب الوطن مهما كانت لها وقعها في قلبه المتقد بنار المبدأ وجذوة مفارقة الأم الرؤوم،وقليل من يتمكن التفريط بهما عند المساومة. وعلة الكفاح المسلح تكمن بين الخيارات الصعبة التي تواجهه السياسي في زمن الدكتاتوريات هو خياراته الصعبة ما بين التضحية بالاهل، أو المضي قُدماً في مواصلة الكفاح حتى النصر وإلاّ سيبقى متردداً ما بين نيل وسام الرفعة أو الرضوخ لمهانات الشوفينية . آلاف من شهداء درب الحرية والديمقراطية ممن نضحوا دمائهم على مذبح صواب العقيدة الثابتة، ومثلهم من ازهقت أرواحهم النقية في سبيل الحصانة الانسانية ، وعبورهم بشجاعة كل مراحل التردد والمهادنة، والكثير ممن ترجموا السجالات الفكرية والنقاشات الطويلة والحلقات التنظيمية المخترقة في المدن والقرى، ومواقع العمل والجامعات والمدارس والمصانع الى الواقع الفعلي. غير آبهين بقساوة ووحشية النظام الدكتاتوري وما يملكه من القوة العسكرية الكبيرة والأنظمة التجسسية لكتم أنفاس القوى المعارضة في داخل العراق. ومن تلك الضغوط العسكرية والسياسية والحرب النفسية بدأت ساعة المنازلة الحقيقية لرفض ممارسات الأجهزة القمعية ، ومن ذلك النقيض ولدت فصائل المقاومة من رحم معاناة الفقراء . وقد سبقتتها تضحيات من يوم مولد اليسار العراقي وليوم سقوط النظام، اعتقالات وترويع وتعذيب وقتل للكوادرالحزبية والتنظيمات اليسارية . لم يكن الصمت والتفرج على جرائم القاشية ممكناً ، ولم تعد الدبلوماسية والحوارات بعد تفتيت بنية الحزب تجدي نفعاً. سوى المواجهة والمقاومة واستخدام العنف الثوري مع قوى الظلام ومع من لا يفهمون ماهية حقوق الانسان، واحترام ارادة وفكر وتوجهات الآخر. بعد هذه التوطئة المتواضعة يحلو لنا أن نفتح عبر هذه الصفحات جانباً من ملف وسيرة نضال الكاتب والسياسي أحمد رجب. ذلك الرجل بقي وفيا لفكره ،الذي ضحى بكل ما لديه وبكل ما كان يحلم به في بواكير شبابه من أجل تحقيق مبادئه اليسارية. فكان احمد رجب هو البار لتراب الوطن ، وأرض الوطن في غربته هي له الأمل وحلم المرتجى، وكيف بهذاالوطن الواسع يختصر تواضعاً في سني نضاله الدؤوب. لذا لا غرابة عليه إن جاهرحبه لتلك المبادئ بالقلم ساعة تثقيف الذات ، وبالسلاح وقت المنازلة مع من لا يفهم لغة الحوار. نقف مع الكاتب والسياسي احمد رجب وفي حوار تاريخي ان سنحت لنا ظروف مرضه العضال ليحدثنا عن نشأته الأولى ، وأيام مدرسته في خانقين ، وبدايات عمله السري، وكيفية شروعه بالكفاح المسلح مع أنصاره في الجبال ، والحديث عن ترحيله القسري الى ديارالمنفى ، وعيشه على أمل العودة لأيام الماضي المترعة بالأخوة والوفاء. نبدأ حوارنا معه بجملة من الأسئلة التي راودت مخيلة المحاور :



س1 : لكل إنسان صرخته المدوية حينما يولد ليتكّيف مع فيزائية العيش، تكاد تكون تلك الصرخة مألوفة في كل مولد جديد. فكيف كانت صرخة الميلاد وفي أية بقعة ومكان ، لدى أحمد رجب، هل بقي صداه في تلافيف ذاكرته من حيث الميلاد ،والطفولة، والنشأة، ماعلاقته بالمكان الذي يحن اليه رغم ابتعاده عنه كل تلك السنين الطويلة؟ .

كلما أقرأ او أسمع خبرا عن الولادة أتذكر والدتي التي لم تنعم بإبنها البكر وهي التي كانت تكرر وتقول بألم ومرارة: في الوقت الذي توفي ولدنا الأول عزيزنا مجيد وهو في السنة الثانية من عمره جاء إلى الحياة ولدنا الثاني محمد ومن ثمّ الثالث علي الذي أدخل الفرحة والبهجة إلى قلوبنا وحياتنا، ولكن هذه الفرحة والبهجة لم تقاوم لفترة طويلة إذ رحل علي سريعا ليلتحق بأخيه مجيد، وبعد فترة من الزمن رزقنا ببنت جميلة أسميناها فوزية، وتعالت صرختنا وفرحتنا يوم مجيئك إلى الدنيا.
ولدت في أسرة فقدت خلال سنوات قليلة ولدين، ولكن بعد الألم والعذاب تعالت الزغاريد وأفراح الوالدين يوم جئت إلى الحياة في محلة (قهوة شكر) في قلب بغداد، وأتذكر اليوم طفولتي ونشأتي بين أخوتي وعائلتي وعمتي خانم وأبنها حسن، وأتذكر أيضا اللعب مع أطفال المحلة حيث كنا نركض في الدرابين والدربونات (الإزقة) الضيقة والملتوية إلى التسابيل ورأس الساقية ودكان عمو عمر(عمو كمر) وشراء الجكليت والملّبّس وشعر البنات وحامض حلو، وكانت الحياة بسيطة جدا حيث الألفة والصداقة النقية بين العوائل المختلفة بعيدا عن مثالب ومكائد اليوم.
لم تدم الفرحة، فرحة طفولتي فترة طويلة، إذ لفقّ المغرضون كذبة ونسّبوها لوالدي الضابط في الجيش الإنكليزي (الليفي) بأنّه سبّ حكومة جلالة الملكة إليزابيث، وعند سماع والدي لتلك الكذبة المفتعلة إنفعل وشتم هذه المرة علنا وأمام الملأ ""جلالة الملكة""، وعلى إثر هذه الشتيمة تم إعتقال الوالد لفترة قصيرة وبعد خروجه من المعتقل تم فصله، وطلبا للعيش رجعنا إلى موطن الآباء والأجداد في خانقين.
لقد تجّرع الوالد المرارة جرّاء البطالة القاتلة وتوفير العيش للعائلة التي أصبح عدد أفرادها تسعة، وبعد مشاق وجهوده المبذولة وجد والدي الذي كان يتقن اللغة الإنكليزية عملا بصفة عامل في شركة نفط خانقين التي يديرها الإنكليز في بانه بورة بأجرة يومية قدرها (371) فلسا، وأتذكر بأن كيلو خيار كان بفلس واحد، وكل بيضتين بفلس، وانتقلنا من خانقين إلى قرية كوره شلة القريبة من منطقة بانه بوره.
إستبشر الناس بفتح أول مدرسة إبتدائية في بانه بوره، وأصبحت أحد تلاميذها، وكانت المدرسة بصف واحد ومعلم واحد هو مديرها الأستاذ شفيق محمود الجاف. كانت المدرسة (مدرسة بانه بوره الإبتدائية للبنين) ولكنها كانت مختلطة لوجود عدد كبير من البنات وأتذكر منهن: نعيمة محمد أمين، إلهام شوكت، فوزية مصطفى، بلقيس سعيد النجار، حمدية صحبت، نجاة أحمد، أزهار فاضل، شه ونم شفيق وبرشنك شفيق، كما أتذكر من البنين: آيدن شوكت، سهام بكر، صباح شهاب، طارق شهاب، فاروش بوغسيان، وانيك بوغوسيان، قيس سعيد، كنعان احمد، حسام الدين شيخ رؤوف، عطا شيخ خالد، محمد رؤوف شيخ إسماعيل، صلاح الدين رحيم، إبراهيم فرج، حمه احمد (حمه كورده) ،إدوارد كوركيس وآخرين.الأسماء التي ذكرتها من قوميات وموزائيك العراق وكوردستان وفيهم الكوردي، العربي، التركماني، الكلداني الآشوري السرياني والأرمني، وكلهم من المسلمين والمسيحيين وأديان ومذاهب أخرى.
في الصف الثاني جاءنا معلم جديد هو الأستاذ حقي فرج، وتم نقل الأستاذ شفيق محمود الجاف، وبدلا منه أصبح الأستاذ آصف عبدالله مديرا للمدرسة.كنا أطفالا نذهب مشيا على الأقدام من كوره شله إلى بانه بوره، أو نعود منها رغم وجود سيارات شركة النفط، وقد إشترى حسام الدين بن شيخ رؤوف (كويخا القرية) سيارة جيب ويلز إمريكية الصنع، وكلمة كويخا تعني (رئيس) وابن رئيس القرية ويمكن (تسميته بإبن الإقطاعي)، وكان حسام الدين طفلا يسوق سيارته بمساعدة شخص آخر في البداية، ولا أدري سبب حقدي عليه، وفي أحد الأيام قمت بضربه مع آخرين، حيث شكلنا تكتلا ضد ابن الشيخ، وفي المساء عاد والدي من العمل ونادى علي بصوت جهوري لأول مرة في حياته، وقد قمت من مكاني ووقفت أمامه، وحصلت على راشدي محمودي (صفعة) على خدي وقال لي: لماذا ضربت ابن الشيخ؟ وقلت: لأنني أكرهه!، قال لماذا؟ قلت: احتقره، إننا نذهب إلى المدرسة مشيا وهو يركب سيارته. أبلغني الوالد إنه من المحرمات ضرب ابن الشيخ!، وإذا تكرر ضربه تستحق الجزاء،وهل تقبل أن يوّجه لي الإهانة؟ كلا، لا تقبل، وعندئذ فإن الشيخ يحاول إخراجنا من قريته.وأنا طفل صغير وأفكر دائما وأقول في قرارة نفسي: لماذا هذه القرية وقرى تازه دي وعلي خالة تعود ملكيتها للشيخ!، لم أصل إلى حل يرضيني، وفي يوم من الأيام قررت ضرب ابن الشيخ في المدرسة، وفعلا نفذت قراري، وفي الحال تدخل مدير المدرسة الأستاذ آصف عبدالله، ونادى على فرّاش المدرسة (مام علي) وصرخ في وجهه وقال له: إمسكه بقوة وارفعه إلى الأعلى حتى يتسنى لي (أجيوره) وبالعراقي (الضرب بالفلقة) لم يتمكن مام علي الفراش رفعي، وتخلصت من الفلقة، ولكن المدير كان إلى جانب ابن الشيخ وأخذ يضربني بالمسطرة وأمام الطلاب الذين لم يستسيغوا تصرف المدير، وتكررت هذه المشاهد أكثر من مرة، وبعد سنوات تفرقنا بسبب إنتهاء أعمال الشركة ودخولنا مدارس أخرى، وأصبح الشيخ حسام الدين من أصدقائي الجيدين والمحبين.في الصف الرابع إنتقلت إلى مدرسة غازي الأول في باشاكوبري (بعد ثورة 14 تموز 1958) تغير اسمها إلى مدرسة النضال، وأنتقلت هي الأخرى إلى محلة المزرعة. وقد فرحت عند سماعي بأن عائلة (عبدالرحمن قادر) وهو من أقرب أقربائي إنتقلت من بانه بوره إلى النفطخانة، وبدوري إنتقلت من مدرسة غازي الأول إلى مدرسة النفطخانة الإبتدائية، وألتقيت مع العديد من أصدقائي الذين إنتقل أولياء أمورهم إلى النفطخانة من بانه بوره.في مدرسة غازي الأول أطلق عليّ المربي الكبير والأستاذ القدير عبدالعزيز بشتيوان لقب باله واني كورد، وتعني في العربية (بطل الكورد) وهنا لا بد أن أشير إلى إثنين من المعلمين الشوفينيين الحاقدين على الوطنيين والكورد احمد الموصلي وعيدان خلف، وأنا على سذاجتي كطفل نقلت كلام المربي الكبير إلى الأهل والاقارب والأصدقاء، وبرز عدد غير قليل من هؤلاء يزرعون الخوف عندي، وفسّروا الكلام بأنّه خط أحمر والحكومة لا تقبل مثل هذه الصفات، وبمثل هذا التصرف، وبعد سنوات فهمت الموضوع ومنذ ذلك الوقت ولحد الآن أفتخر بالأستاذ عبدالعزيز بشتيوان، وهو المناضل ومفخرة الكورد الذي ربى أبناءه على الوطنية والكوردايه تى، وبرزمنهم شيوعيون وبارتيون وضحوا بدمائهم وأستشهدوا دفاعا عن الشعب والوطن، في مدرسة النفطخانة وفي اليوم الأول في موضوع التاريخ طلب مني الأستاذ جاويد سعيد بك وهو مدير المدرسة أن أشرح المادة المطلوبة، وكان الموضوع عن المناذرة في الحيرة (العراق) والغساسنة في بصرى (بلاد الشام)، وبعد شرح المادة بإسهاب تعالى صوت الأستاذ المدير بارك الله، بارك الله، وبالمناسبة كنت أشتاق جدا إلى حفظ التاريخ. وهنا أتذكر أستاذ الحساب والقياسات محمد قاسم شكر، والمربي الشيوعي الشاب الأستاذ الرفيق خليل مصطفى (أبو مصطفى) الذي أصبح نائبا لتحرير جريدة ريكاى كوردستان (طريق كوردستان) الجريدة المركزية للحزب الشيوعي الكوردستاني، وقد جاءنا بعد حوادث مؤامرة الشوّاف القذرة الأستاذ ياسين محمد وأمجد القليه جي.




ج 2

عندما كنت في قرية كوره شله سمعت لأول مرة من الملا خدانظر وهو والد صديقي التلميذ الذكي هادي كلمة الشيوعي .

كنّا ننظم أنفسنا في صفوف الثورة الكوردية التحررية الباسلة، وكانت البداية مع السرية العاشرة المقدامة لحزبنا الشيوعي العراقي.

في بغداد نسبت للعمل الحزبي ضمن لجنة الكفاح التي تشرف على عمل المنظمات والخلايا الحزبية في المنطقة المحصورة بين الباب الشرقي وساحة الطيران إلى باب المعظم (أي شوارع الشيخ عمر والكفاح والجمهورية والرشيد) وكافة المناطق والمحلات فيها.



س 2 : الغياب والاختفاء عن الانظار، والترحال من موطن الطفولة، مفردات تكاد تكون مألوفة في قاموس كل من يمارس النضال والسياسة في ظل الانظمة الفاشية . كيف وفقت بين العمل السياسي والوظيفة وبين الحنين الى خانقين وبالاخص ما بين (1963-1966 ). والتي تعرف بفترة اجهاض الفكر التقدمي، وانتهاك حقوق الانسان في العراق ؟

عندما كنت في قرية كوره شله سمعت لأول مرة من الملا خدانظر وهو والد صديقي التلميذ الذكي هادي كلمة الشيوعية، وكان الملا خدانظر يشير إلى حزب مردم (تودة) الإيراني ويشيد بموافقه، وتودة هو الحزب الشيوعي الإيراني، كما سمعت كلمة الشيوعية للمرة الثانية من المواطن الفلاح عبدالله وكان يقرأ ويكتب، وهو يردد دائما بأن الملا خدانظر إنسان واعي وشريف، ويمكن الإستفادة من منهله الخصب.
في قرية كوره شلة كان مخفر الشرطة على جبل، وكان على الناس مساعدة الشرطة وتوفير حاجاتهم وبالأخص مساعدتهم بجلب الماء لهم من كاني القرية (نبع الماء في القرية) بواسطة الدابة في براميل صغيرة تتدّلى على الجانبين، وكان هذا (واجب) على جميع سكان القرية وحسب الدور (النوبة)، وفي أحد الأيام أخبروني بأنّ رئيس المخفر عزّت، وهو نائب عريف شرطة طلب جلب الماء بواسطة الدابة، وكان الدور، دوري أي نوبتي، ولم أهتم بكلام النائب العريف عزّت، ولم أذهب، الأمر الذي دعاه أن ينزل من المخفر إلى القرية وأرسل أحد المواطنين وطلب حضوري، ولما وصلت المكان هددني وقال أستطيع ضربك، ولكن إحتراما لوالدك لا أضربك، وقال بالحرف الواحد: أنت شيوعي!، وسوف أحيلك إلى مديرية الناحية في قوره توو..
لأول مرة سمعت شرطيا يقول لي: أنت شيوعي، وأنا لا أعرف ما هي الشيوعية!، بالرغم من قرائتي لكراس وزعّتها شركة النفط تحت اسم {الأفكار الشيوعية الهدّامة}، ولكنني لم أستوعب محتويات الكراس، وعندما عاد والدي من العمل أخبرته بالموضوع وقال لي: كان من الأفضل أن يضربك، وان إلصاق التهمة كبيرة، والآن يجب عليّ الذهاب إليه في المخفر، إذ أن إحالتك لمديرية الناحية عمل خبيث من قبله، تبسمر والدي عند عتبة دارنا، وفكّر مليا، وبعد تفكير طويل دخل الغرفة، ولم يذهب.
والدي كان متعبا ويشعر بالإرهاق، وأرجأ الذهاب إلى وقت آخر ونام مبكرا بالعكس من عادته، وشعرت بأنّه متخّوف للغاية، بعد يومين وبالضبط في 14/7/1958 عادت أختي حمدية من كاني القرية وهي تبكي، وسألناها عن سبب البكاء فقالت لنا: النساء المتجمعات عند نبع الماء (كاني) رددّن بأن الملك فيصل قتل، وان شخصا آخرأ قد إستلم الحكم. إستغربنا أنا ووالدتي وأخوتي، وفتحنا الراديو وسمعنا مارشات عسكرية وقراءة بيانات وبرقيات التهاني، ولم نفهم شيئا، والدتي سحبت الراديو وأسكتته، وفي هذه الإنثاء أرسل الشيخ رؤوف طالباني رئيس القرية علي لكي أذهب إليه وأترجم له الأخبار، وبقدرة قادر أصبحت مترجما، لم أستوعب الحدث ولكن تكرار الأخبار والبيانات شكّل عاملا مساعدا لفهم الوضع المتفجر، وشعرت أنّ الشيخ غير مقتنع بما أمليه عليه من مغالطات وترجمة ناقصة ومشلولة، وفي خضم الترجمة الرديئة من قبلي جاء نائب عريف الشرطة عزت وقال بصوت فظّ : السلام عليكم، وأخبر الشيخ بأن الملك قد قتل، وليست لدي معلومات، وننتظر إلى يوم غد، ونظر إليّ بإزدراء وأخبرني بأنّه لا يحيلني إلى مديرية الناحية.
في السابق لم تكن الإتصالات سهلة، لذا كانت مخافر الشرطة في القرى حكومة لوحدها، ولم تكن المواصلات هي الأخرى متوفرة، ولمّا علم الشيخ بمقتل الملك وعبدالإله ونوري سعيد وحاشيتهم أصيب بالهيستيريا وقام بطردنا أنا مع جمع من رجال وشبّان القرية.
أخبرت والدي بما قاله النائب العريف عزّت، ولكن والدي لم يستقبل الخبر بسرور، ولمست بأنّ الوالد هو الآخر لم يكن مسرورا بما حدث في العراق.
علم والدي أن شركة إنكليزية مقرها بيواز (باوه نور) تقوم بإنجاز مشاريع على طريق جلولاء- دربندخان- السليمانية مع مشاريع خدمية أخرى فقرر التوجه إليها، وبوصوله هناك وجد عملا جيدا لأنه كان يتقن اللغة الإنكليزية، وبعد فترة وجيزة إنتقل إلى دربندخان وأصبح مراقب أقدم في شركة بيللي الإنكليزية والمشرفة على النفق في جبل كونه كوترالذي يربط دربندخان مع قرية قاشتي على طريق دربندخان – السليمانية، والشركة المنفذة كانت إيطالية.
في العطلة الصيفية كنت أعود من خانقين إلى دربندخان، وكنت أجد بسهولة عملا في الشركة الأمريكية (مقاولون ومتعهدون لإنجاز سد دربندخان)، وخلال العطلة كنت أزور نقابة عمال دربندخان للبناء والإنشاءات، وهي أكبر نقابة في السليمانية وفيها أكثر من (5000) عامل، كما توجد نقابة أخرى، نقابة عمال الري، وفي هذه النقابات كنت أمارس مختلف أنواع الرياضة كالسباحة في نهر سيروان ورفع الأثقال والمصارعة وكرة القدم والطائرة وكرة المنضدة وغيرها، ففي المصارعة كان المصارع العراقي المعروف خلدون عبدي يدربنا، وبرز في رفع الأثقال الحداد علي الذي لقّب فيما بعد بالرفيق (علي كلاشنكوف) آمر الفوج السابع، فوج (هه ورامان) في قاطع السليمانية- كركوك للحزب الشيوعي العراقي.
في زياراتي للنقابتين التقيت بعناصر شيوعية وعمالية بارزة، وقد ساعدت هذه الزيارات ولقائي مع العناصر الشيوعية في خانقين أن تكون العامل الأساس للإنتماء للحزب الشيوعي العراقي في عام 1960 وأنا لم أكمل العمر المؤّهل لنيل العضوية، هذا الإنتماء الذي أفتخر به، لأنني تعلمت التضحية ونكران الذات في مدرسة الشيوعيين العراقيين من أجل: وطن حر وشعب سعيد.
في بداية عام 1961 أعتقلت من قبل دائرة أمن دربندخان بتهمة الشيوعية وبعد تعذيب رمزي أرسلت إلى مديرية أمن السليمانية وواجهت تعذيبا من نوع آخر، تعذيب فظيع، وبعد اسبوع أرسلت ضمن التسفيرات إلى كركوك ومن هناك إلى مديرية الأمن العامة في بغداد، وعند مدخل المديرية حصلت على صفعة قوية من شرطي الأمن جبر الذي قال لي: مصطفايي، وكان يقصد الملا مصطفى بارزاني قائد الشعب الكوردي الخالد، ولكني قلت له : كلا، أنا شيوعي فتمّ إدخالي إلى قاوش (غرفة) الشيوعيين وألتقيت في المعتقل بشخصيات شيوعية وثقافية مرموقة يتقدمهم القائد الشيوعي البارز حمزة سلمان المحامي (أبو كوريا ووثّاب وسلام) والشاعر الكبير مظفر النواب والمذيع حافظ االقباني وآخرين أتذكر منهم: فؤاد زلزلة، محمد الصائغ، فريد أبوالجام وصاحب الذي أطلقوا عليه لقب (بلبل السجن) نظرا لصوته الجميل.
في مديرية الأمن العامة وجهوا لي تهمة (المقاومة الشعبية)، وأخبرتهم بأني لم أكن من المقاومة الشعبية، إلا أنّهم أصّروا بأن المطلوب هو أحمد رجب من أهالي خانقين، وبعد تعذيب دام أكثر من شهر، وقفت أمام محقق جديد بدت على ملامحه علامات الإحترام والآداب، وهو الذي أبلغني بأنّ المقصود هو شخص آخر يحمل اسم أحمد رجب وهو من مدينتك أيضا، عندئذ علمت بأن المقصود هو احمد رجب علي شقيق كل من الأخوة: صديقي الأستاذ فاروق وفريد وعقيل، وهو يدرس في جيكوسلوفاكيا، وهو حاليا: الدكتور احمد رجب علي، ويعيش في الغربة، في أوربا (أعتقد في آلمانيا)، وتم إطلاق سراحي بكفالة بعد خسارة سنة دراسية.
عندما كنت في الكوفة والنجف قرأت يوم من الأيام اسم ذلك المحقق الذي لا أنساه أبدا، والذي أصبح محاميا وله مكتب في السوق الكبير في مدينة النجف وهو: محمد علي الشومان إن لم تخني ذاكرتي.
في منظمة دربنديخان للحزب الشيوعي العراقي تقرر كتابة شعارات السلم في كوردستان بداية عام 1962 وأنيطت المهمة بي والشيوعي المعروف ملا حسن نورولي، وذهبنا إلى السوق وأشترينا الصبغ الأحمر والفرشاة الخاصة بالكتابة، وكتبنا في ورقة شعارات الحزب المطلوبة، والأماكن التي حددّتها المنظمة، وفي الليل بدأنا بعملنا وكتبنا الشعارات حسب قرارات المنظمة، وأضفنا من عندنا بعض المناطق التي لم تحددها المنظمة.
في الصباح الباكر وقفت أمام بيتنا سيارة للأمن والشرطة ودخلت والدتي وأخبرتني بأنهم يريدون حضوري، وخرجت وألتقيت بالمفرزة التي قادها عريف الأمن محمود حمه لاو (خوله ى حمه لاو) الذي أراد ضربي أمام والدتي وأخوتي والجيران، وتملصت منه وقلت له: أن ضربي هنا يعني الإهانة، فأنا لا أقبل الإهانة، وأركب سيارتك لنذهب إلى كولانه ي الأمن (قن الدجاج – قن الأمن) وفي الحقيقة أردت إستفزازه، وركب السيارة وذهبت معه، وهناك قدمني إلى معاون الأمن المدعو خلف الانباري (أبو رياض) وقال له: هذا هو أحمد رجب كاتب الشعارات وحاولت ضربه إلا أنّه هددني وأهانني أمام الجميع.
أبو رياض وبيانا للحقيقة كان مسالما ويحترم الناس ولم يكن شرسا كما العادة عند أفراد الأمن قال لي بهدوء: لماذا جلبوك وكيف كتبت الشعارات ومع من من الشيوعيين ولماذا تهدد وتهين عريف الأمن محمود؟
أنكرت، أن أكون أنا كاتب الشعارات، ولا أعرف من كتبها ومتى، وبصدد عريف الأمن لم أهدده أو أهينه، وأتعجب من قدومه إلى دارنا لأنّ أخاه (فرج حمه لاو) هو صديقي ولنا علاقات عائلية، وأنا أتحدث مع معاون الأمن دخل العريف محمود مع الملا حسن نورولي، ووجه أبو رياض نفس الأسئلة التي طرحها علي إلى الملا حسن، وأنكر هو الآخر وقال لا أعرف من كتبها، وبعد قضاء ساعات من الوقت في الأمن قرر أبو رياض أن نتوجه إلى بيوتنا ولكنه قال لنا: لا أريد رؤيتكما معا، وخرجنا من الأمن وجلسنا معا في مقهى قريب من الأمن نشرب الشاي ونفكر من يكون وراء الإخبارية والوشاية لإعتقالنا، وفي هذا الوقت مرّ معاون الأمن بسيارته، ونظر إلينا وهزّ رأسه، وعن طريق الأصدقاء والأحبة وجدنا الشخص الذي أخبر الأمن عنّا، والشخص هو الفنّان الكوردي حسين علي الذي كان يعمل سائقا لدى معاون الأمن، وكان جارنا وبيننا علاقة قوية، لأن شقيق زوجته حكيم خليفة موسى صديقي في خانقين، وعلمنا بأنّه تحدث ببراءة عنّي وعن الشيوعيين مع أبو رياض، وكان ساذجا وقلبه خاليا من الحقد والضغينة، وعندما علمت بالقصة حقدت على حسين علي وعائلته، وقطعت صلاتي الجيدة معهم، وبعد وفاته رحمه الله التقيت مع أبنائه جمال واكرم في بغداد وزرت بقية العائلة في منطقة الشيخ عمر.
لم تكن دوائر الأمن في عهد عبدالكريم قاسم شرسة كما في عهد البعثيين، ويعلم العراقيون بأنّ دوائر الأمن في عهد الدكتاتور صدام حسين أصبحت جهنم لكل إنسان شريف وللوطنيين والشيوعيين.
كنت في دربندخان يوم قيام مؤامرة الزمرة البعثية الحاقدة في 8 شباط 1963، وسمعت من الرفاق الشيوعيين الأخبار المتضاربة هنا وهناك عن المقاومة الجماهيرية ضد المتآمرين المجرمين الذين وقفوا بوجه ثورة 14 تموز، ولكن عن طريق الراديو وصلت الأخبار وعلمت بأن زمرة طالب شبيب وحازم جواد وعلي السعدي وأحمد حسن البكر وحردان التكريتي ورشيد مصلح وزبانيتهم المجرمة قد سيطرت على الأوضاع، كما سمعت بيان رقم (13) للمجرم الحاقد رشيد مصلح الحاكم العسكري بإبادة الشيوعيين والوطنيين، (أعدم البعثيون حاكمهم العسكري رشيد مصلح التكريتي، لكونه جاسوسا، وتم تعليق جثته في ساحات بغداد).
وفي اليوم الثاني كانت دوائر الحكومة مكتوفة الأيدي ومشلولة، لأن المسؤولين كانوا بإنتظار التعليمات من المتآمرين، خرجت صباحا من دربندخان وأمام أنظار الأمن والإستخبارات العسكرية الذين وقفوا مندهشين لا يعرفون ماذا يفعلوا، ووصلت خانقين مساءأ في ساعة متآخرة، ولم أذهب إلى محل سكني، ومكثت عند الأصدقاء والأقارب لمدة اسبوع، وصدربيان آخر من الزمرة الشريرة يطالب الموظفين والعمال والأسرة التعليمية والطلاب بضرورة الحضور في الدوام الرسمي، ومن يخالف يعاقب!!.
أصبح المجال مفتوحا أمام القوميين والبعثيين للحصول على المواقع، ففي ثانوية خانقين للبنين تم تعين المدعو عبدالرحمن المعيني مديراً للثانوية بدلا من المربي الفاضل والشخصية المحترمة حافظ علي التاجر، وبعد فترة نظرا للمشاحنات والثرثرة بين القوميين والبعثيين حلّ عبدالكريم الدوري محل عبدالرحمن، ومن بركات البعث للشواذ الذين أصبحت ملاحقة الناس همهم الوحيد تمّ فتح الإسطبل الذي أسموه ""الإتحاد الوطني لطلبة العراق"" وظهر فرسان البعث في مقدمتهم طارق عريبي، نجيب أدهم وطالب إبراهيم (طلوبي).
مع ظهور زمرة ""الاتحاد الوطني"" لطلبة العراق صعّد الشواذ محاربتهم بطرق سخيفة وجبانة محاربة العناصر الوطنية والشيوعية مستخدمين الترهيب والترغيب للإنتماء لإتحادهم الذي أصبح وكرا لكل جبان، ومركزا للمخابرات، ويبدو أن طارق عريبي كان مشرفا على هذه الزمرة لأنّه كان معلم ابتدائية ويتردّد بصورة مستمرة على الثانوية.
إزاء هؤلاء الجبناء تركت مدينتي خانقين في عام 1963 وأنتقلت إلى بغداد،وواجهت مشاكل عديدة، إذ إنقطعت نهائيا عن أخوتي وأهلي نظرا للأوضاع العسكرية الشاذة والحصار الجائر على كوردستان، وفي بغداد إضطررت أن أجد عملا لكي أعيش وأستمر في الدراسة وأصبحت حياتي قاسية بسبب (الإختفاء)، وأخيرا وجدت الصديق المقاول سعيد فرج وهو شيوعي هارب من السليمانية وشقيق الشهيد الشيوعي حسين فرج الذي استشهد بأيدي عناصر خبيثة في الحزب الديموقراطي الكوردستاني (البارتي)، وبدأت العمل عنده، وأستمريت على الدراسة في ثانوية الشعب المسائية في باب الشيخ.
لقد تلقّى الحزب الشيوعي العراقي ضربات موجعة بإعتقال سكرتيره الاول وأعضاء اللجنة المركزية ومكتبها السياسي وقادته وكوادره المتقدمة من قبل فرسان مؤامرة 8 شباط 1963 وزمر الحرس"القومي". وبذلك حرم الحزب من القيادة المباشرة الفذة في نضجها وبسالتها، وبالطبع اصيب العمل الحزبي لفترة ببعض الإرباك.
في بغداد نسبت للعمل الحزبي ضمن لجنة الكفاح التي تشرف على عمل المنظمات والخلايا الحزبية في المنطقة المحصورة بين الباب الشرقي وساحة الطيران إلى باب المعظم (أي شوارع الشيخ عمر والكفاح والجمهورية والرشيد) وكافة المناطق والمحلات فيها.
كان العمل صعبا للغاية، منظمات مضروبة ومشلولة، الشعور بالخوف عند العديد من الرفاق، كتابة البيانات بطابعة قديمة وإستنساخها بالأيدي بواسطة القلم والكاربون والورق، وضعف الإمكانية المالية، أتذكر من أعضاء اللجنة الرفاق: صالح عاشور الذي كان يسكن محلة بني سعيد، سامي الحداد (سهم) من محلة أبو دودو (بفتح حرفي الدال) غني الحاج أحمد نه مه لي (أبو سامان) الذي أصبح فيما بعد مسؤول اللجنة المحلية في محافظة ديالى، وألتحق بالأنصار عائدا من بلغاريا باسم (ملا عزيز) ونزولا لرغبة عائلته وعند بيان العفو الكاذب من الدكتاتور الساقط صدام حسين سلم نفسه وذهب إلى عائلته، ولكن بعد فترة إختفى ولحد الآن، ولم يعرف عن مصيره أي شيء.
عام 1964 بقيت في بغداد حسب طلب الحزب، وإضافة إلى عملي في اللجنة الحزبية المشار إليها سابقا، انيطت بي مهمة صعبة وهي إعادة الصلات مع عدد كبير من الرفاق الذين إنقطعوا عن التنظيم داخل العاصمة بغداد أو المختفين فيها من محافظات ومناطق أخرى، وأشرف على هذا العمل رفيق من مكتب تنظيم بغداد (متب)، كانت المهمة صعبة كما ذكرت لأنني أحمل رسالة من الحزب إلى رفيق لا أعرفه، وأتصل به بناء لكلمة السر المتفق عليها بين متب والرفيق المعني، وبالعكس أحمل رسالة ذلك الرفيق للحزب، أو أرافقه أحيانا إلى بيت حزبي، وبهذا العمل تعرفت بصورة جيدة على مدينة بغداد، كما تعرفت على عدد كبير من الرفاق، وخاصة رفاق من الموصل والمحافظات الأخرى (الفارين من بطش الحرس القومي ودوائر الأمن والإستخبارات العسكرية)، وكنت سعيدا في إداء عملي الحزبي، والأمر الذي ساعدني هو إستقراري في بيت عمتي (جهان) وأسرتها في محلة الدوريين، وهي من المناطق ذات الصبغة القومية والبعثية، وهي منطقة الشقاوات التي تعادي الفكر التقدمي والوطني.
في عام 1965 وفي لقاء مع أحد الرفاق القياديين أبلغني قائلا: أن مهمة حزبية تنتظرك في كوردستان وعليك الذهاب إلى السليمانية وخذ معك هذه الرسالة إلى الرفيق (م).
وصلت السليمانية وسلمت الرسالة إلى الرفيق المعني، وبعد يومين أبلغوني بأنّ المهمة التي تنتظرني قد تأجلت، وقالو: عليك الذهاب إلى دربندخان وعندما نحتاجك نبلغك وتعود إلينا، وفي دربندخان دخلت كعضو في اللجنة القيادية داخل المدينة، وعضوا في لجنة جوتياران التي تقود العمل الحزبي في منطقة وارماوا، وهي منطقة واسعة تشمل دربندخان وبانيخيلان شرقا، وقرى دره دويين وبساكان وسنكاو جنوبا واحمد برنده وعازه بان وقرى من شاره زور شمالا وقره داغ إلى بازيان غربا.
كنت مسؤولاً عن تنظيم الحزب الحزب الشيوعي العراقي في المدينة، وفي أحد الأيام أرسل الرفيق عبدالله ملا فرج القره داغي ( ملا علي ) وهو المسؤول العسكري (آمر السرية العاشرة) والمسؤول الحزبي في منطقة وارماوا ورقة ترحيل العسكري المدعو محمد (رئيس عرفاء) في كتيبة المدفعية (32) المرابطة في دربنديخان.استلمت ورقة الترحيل الخاصة بالعسكري محمد، وبطريقة فنية أستطعت الوصول إليه وألتقيت به، وكان يقظاً وحساساً، ومنذ اللحظة الأولى لإستلامه شككت بأنّه يحمل لنا الشر، ممّا دعاني أن أطلب معلومات إضافية عنه قبل أن أضيفه إلى العسكريين الآخرين في الكتيبة (32) وفوج دربنديخان العسكري.

كان موقع دربنديخان موقعاً إستراتيجياً مهماً نظراً لوجود الجبال العالية وسد دربنديخان وهذا الأمر دفع بالعسكريين المكوث في المدينة، وفي يوم إعتقالي في 7/8/1965 تواجد فيها مقر الكتيبة (32) بأمرة المقدم كمال احمد الراوي، ومقر فوج دربنديخان بأمرة العقيد جميل الشيخلى، ( تمّ أعدام المقدم كمال احمد الراوي، لإتهامه بشبكات التجسس التي أعلن عنها البعثيون أنفسهم، وكان الراوي في الأردن عند جلبه بملابس النوم (البيجامه) وأعدم وعلقوا جثته في ساحة باب الشرقي).
كنّا ننظم أنفسنا في صفوف الثورة الكوردية التحررية الباسلة، وكانت البداية مع السرية العاشرة المقدامة لحزبنا الشيوعي العراقي، وكنا بحاجة ماسة إضافة للأسلحة إلى نواظير وطلقات ومعدات عسكرية مختلفة، وعند مفاتحة رئيس عرفاء محمد العسكري المنقول لنا عن طلباتنا، أبدى إستعداداً على الفور شريطة أن ندفع له اسعاراً رمزية.
في اللقاء الأول حصلنا على بعض اللوازم الضرورية بأسعار رمزية، وتم! الإستلام في دار الرفيق حسين حاجي كريم، وفي 7/8/1965 حمل إلينا رئيس عرفاء محمد وجبة ثانية، وفور وصوله أخبرت الرفيق حسين حاجي كريم وهو عضو لجنتنا الحزبية بنقل الوارد من المواد إلى بيت آخر، وأوصيت الرفيق حسين أن يجلب لي من الرفيق ماموستا غريب حمه سعيد وهو عضو اللجنة أيضا مبلغاً لقاء أثمان الوارد إلينا من العسكري محمد.
خرج الرفيق حسين من داره مع المواد الواردة إلينا، وبعد دقائق معدودة دخلت قوة خليطة من الأمن بقيادة مفوض الأمن غالب وملازم أول من الإستخبارات العسكرية ومختار المدينة المدعو الشيخ محمد الملا قادر البانيخيلاني المتعاون مع الأمن والإستخبارات وهو (والد الشهيد نجيب ((كوران)) وأخ الرفيق أبو سرباز، وعلى الفور قام الضابط بضرب العسكري رئيس عرفاء محمد أمامي وأمر زمرته بأخذه إلى الكتيبة ميتاً، وفي الحال وجّه الضابط العسكري لي سؤالاً وقال : ماذا دار بينكم ؟، ماذا كنتم تخططون ؟
لم أرد على جواب الضابط، وعلمت بأن المنقول إلى تنظيمنا وفق ورقة الترحيل، ما هو إلا عنصر مندس إستطاع إختراق تنظيم حزبنا في منطقة أخرى، وكرر الضابط سؤاله مع الضرب على رأسي، وقلت له بكل هدوء كنت أسير خارج البيت وواجهت هذا العسكري الذي أرسلته مع جنودك إلى مقر الكتيبة وقال أريد أشتري طماطة وبامية وخضراوات من بستان السيد حسين الحاج كريم وطلب مني أن أساعده في الترجمة.
قال الضابط :بسيطة، بسيطة، أين اللوازم العسكرية التي جلبها رئيس العرفاء محمد ؟ وهنا أمر جنوده القيام بالتحري والبحث وشاركهم المختار أيضاً، ولكنهم أصيبوا بخيبة أمل إذ لم يجدوا شيئاً في الدار، وأصيب الضابط بهيستيريا وهو يضربني ويصرخ في وجهي ويقول في كل مرة أين اللوازم العسكرية ؟، المفروض أن أعيدها لمقر القيادة، ( علمت أنّهم وضعوا ضمن مسرحيتهم الساذجة الصبيانية خطة لإعتقالي والإعتراف بكل شيء والإستسلام لهم ).


ج3

إنشق عزيز الحاج عن الحزب الشيوعي العراقي، وسار كل الرفاق في لجنتنا مع خط عزيز الحاج في البداية.
في عام 1966 بدأت حكومة عبدالرحمن البزاز في عهد عبدالرحمن عارف مفاوضات مع الحركة الكوردية التحررية، وعن هذه المفاوضات صدرت قرارات بإعطاء الكورد بعض الحقوق، وهي ما سميت بـ (اللامركزي).


لم يتصور الضابط نقل المواد بهذه السرعة إلى منطقة أخرى، بل كان يتصوّر بأنه يلقي القبض عليّ وعلى المواد بسهولة، ولمّا لم يحصل على شيء ضربني بكل قوته، وأمر جنوده بضربي وأن يأخذوني إلى سيارتهم، وعند خروجي من البيت وأمام أنظار المواطنين قام الجنود بربطي وتوثيق جميع الأطراف من حبال حمام الحاج طالب كوكسي الخاصة لنشر الملابس القريب من البيت الحزبي لسوء حظي، وبدأوا بسحلي إلى السيارة الواقفة أمام جامع دربنديخان، وهي من نوع زيل، وعند الوصول إلى السيارة رموني إلى داخلها ليلامس وجهي حرارة الحديد وأنا لا أستطيع رفع وجهي بسبب الربط المحكم لجميع أجزاء جسمي.
عند الوصول أدخلوني غرفة القائد بناءً عل طلبه، وقال لي تعرفني أم لا؟
قلت : ليس المهم أن أعرفك، أو لا أعرفك، وإنّما المهم أن أعرف لماذا اعتقلتموني !!.
ضحك ""القائد"" وقال : أنا المقدم كمال أحمد الراوي آمر كتيبة (32) المدرعة في الجيش العراقي، وسوف أطلق سراحك فوراً إذا ساعدتنا في التحقيق، ولم يتوقف وسأل من هم أعضاء التنظيم الحزبي في المدينة؟، أقصد تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي، ومن هم أعضاء التنظيم العسكري هنا في دربنديخان ؟، وبمن تتصل؟ من هو مسؤولك الحزبي، ماهي مهام قوتكم العسكرية في " حركة التمرد للأكراد " ؟ ما هي نشاطات السرية العاشرة ؟ وأسئلة كثيرة ؟.
قلت : لا أدري كيف أجيب، أنا كنت عابر سبيل، وأنت تسألني عن تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي، ليست لدي معلومات، ولا أدري ما هي السرية العاشرة.
هاج المقدم كمال احمد الراوي كالثور، ونهض من مكانه ولكنه قال بـ " لطف " : سأطلق سراحك إذا قلت بأن ( صاحبة البيت تنظم دارا للبغاء )، وهنا إنفعلت وصرخت في وجهه الكالح وقلت : أتدري من هي الباغية والزانية التي تبيع جسدها وتنظم دور البغاء يا كمال الراوي ؟
هاج مرة أخرى وقال بعنف : من هي ؟ قلت بكل صراحة : هي زوجتك، زوجات الضباط الذين يأتون إلى كوردستان لقتل شعب آمن، ويتركون زوجاتهم إلى ضباط آخرين.
لم يتمالك المقدم العروبي كمال الراوي نفسه، وهاجمني بمسدسه وضربني عدة ضربات وسال الدم من رأسي، ونادى على زمرته، وأمرهم قائلاً : خذوه إلى رئيس عرفاء محمد وأقتلوه، لا أريد رؤيته. قام جنود العروبي كمال الراوي بتعليقي على فوهة دبابة للجيش العراقي، وهم يضربونني بقيادة الخبيث رئيس عرفاء محمد، لذا أطلق الناس على إعتقالي ( حادثة الدبابة ). ربطوا يدي بسيارة عسكرية، ورجلي بسيارة أخرى، وكل واحدة منها تسير بإتجاه معاكس، وقد علمت أنهم يحاولون ترهيبي بكل الوسائل الدنيئة من ضرب بالعصا، وكوي جسمي بالسكائر، إذ كانوا يتركون السكائر على ظهري تارة، وعلى صدري تارة أخرى ( خوش منفضة )، (أصبحت أراضي معسكر الكتيبة (32) حاليا حدائق وبيوت وعمارات، وهي في قلب مدينة دربندخان. بعد عدة أيام من التعذيب الوحشي نقلت إلى أمن دربنديخان، وبعد أسبوع أرسلوني بسيارة زيل عسكرية وبرفقة رتل من العجلات ( قافلة ) من دربنديخان إلى جلولاء، وهناك تمّ إيداعي في سجن الثكنة الحجرية، وعند دخولي رأيت أعداد كثيرة من الكورد وأكثرهم (عرف) من مدينتي خانقين، وكانوا شيوعيين وبارتيين، وكان السجن رهيباً جداً، وفي داخله ركامات من القذارة والأوساخ.
بعد شهر نقلت إلى سجن معسكر سعد في بعقوبة، ومن هناك إلى سجن السراي في بغداد، وقضيت فيه اسبوع يساوي سنة من شدة الروائح الكريهة والمياه الآسنة والقاذورات والقمل، وبعد أسبوع نقلت إلى سجن السليمانية الذي يعتبر ( جنة ) قياساً للسجون التي قضيت فيها أياماً منذ إعتقالي. في السليمانية أخبروني بأنني سأحاكم في المحكمة العسكرية الطارئة التي تحكم بالإعدام إذا حصلت على دليل بالتعاون مع الأحزاب العراقية والكوردية التي تناهض الحكومة، ولكن في عام 1966 بدأت حكومة عبدالرحمن البزاز في عهد عبدالرحمن عارف مفاوضات مع الحركة الكوردية التحررية، وعن هذه المفاوضات صدرت قرارات بإعطاء الكورد بعض الحقوق، وهي ما سميت بـ (اللامركزي)، وكانت عونا لي إذ تأجلت المحاكمة أمام الهيئات العسكرية عدة مرات، وفي تشرين الأول (اكتوبر) من نفس العام أطلق سراحي بكفالة.
عدت إلى بغداد وأصبحت عضوا في لجنة الطلاب (الثانويات) وتكونت من الرفاق: فيّاض موزان، علي حسين، لطيف شاكر، أحمد رجب، طاهرالشيخ محمد، كفاح، مسرور ورفيقين آخرين نسيت اسميهما، وبقيت أعمل ضمن هذه اللجنة، وقمنا بمظاهرات عديدة وندافع عن حقوق الطلبة، وفي 17/9/1967 إنشق عزيز الحاج عن الحزب الشيوعي العراقي، وسار كل الرفاق في لجنتنا مع خط عزيز الحاج في البداية، وبقيت الوحيد مع الحزب، وقد تعرضت إلى مشاكل عديدة لكي أسلم التنظيم الموجود عندي لهم، ولكن خابت آمالهم، وبعد فترة ظهرت حقيقة المنشقين، فبدا الرفاق يعودون وأولهم الرفيق مسرور ومن ثمّ علي حسين وكفاح، وبقي عدد منهم مع عزيز الحاج وأصبح فيّاض موزان مسؤولا عن خط ""الكفاح المسلح"" وبعد عودة البعثيين إلى حكم العراق استطاعوا القبض على عزيز الحاج وفياض موزان وآخرين وكانت نهاية مخزية ساهمت هي الأخرى في إضعاف دور الحزب.
في نهاية عام 1967 توجهت إلى الكوفة، وعملت مع المقاول الصديق سعيد فرج في مشروع ماء النجف الجديد، ونصب تانكي الماء العملاق في (جري سعدة) بالكوفة، وحي كندة بالنجف، وحزبيا أصبحت عضوا في لجنة النجف، ومن أعضائها الرفاق: شريف (مختار) وعدنان الأعسم، وأحمد رجب، ومحمد (معن جواد) وحسين علوان ومحمد الحكيم إن كنت على صواب، وكان سكرتير اللجنة، ومن بعده الرفاق: فراس الحمداني (أبوسمير) وعدنان عباس (أبو فارس) وقد أشرف ولمرات عديدة الرفيق جاسم الحلوائي (أبو شروق) على أمور اللجنة. كانت منظمات الحزب مضروبه، الأمر الذي أدّى إلى شلل النشاط الحزبي، وأصبحت سكرتير لجنة الحزب في الكوفة، ومن أعضائها الرفاق: علاء السلامي (أخ الشهيد ظافر السلامي) ومهدي الخياط، وأبو عماد، وبعد فترة قصيرة على ترشيحه ونظرا لشجاعته وإلتزامه تم رفع الرفيق محمد حسين الحداد العامل في شركة الأحذية الشعبية في الكوفة إلى اللجنة، وهنا أتذكر أن الرفيق مهدي قدم إستقالته من الحزب لأنّه عارض رفع الرفيق المذكور إلى اللجنة، علما أنه جاء عن طريق مهدي إلى الحزب، وفي الكوفة زادت صلاتنا وإتصالاتنا مع القرى والأرياف والنواحي كعلوة الفحل (البو حداري) والسادات والمويهي والعباسية وغيرها، وقمنا بدفع العمال إلى الإضراب مطالبين بحقوقهم، الأمر الذي دوّخ القائمقام المدعو سعاد الطالباني والبعثيين ونقاباتهم الصفراء التي ترأسها شخص لا أتذكر أسمه من (عائلة الشرقي) الذي زعم بأنّه يحرق منظم الإضراب ومنظمة الحزب في المدينة، وقد هدد وعربد وثرثر كثيرا، لكنه رجع بخفي حنين، وقد كتبت الجريدة المركزية للحزب الشيوعي العراقي طريق الشعب أخبار تلك الفعالية التي كانت ثمرة التعاون الأخوي بين العمال، ولا بد أن نذكر من العمال المساهمين في تنظيم الإضراب: كريم عباس (مهندس فيما بعد خريج جامعة البصرة) ورحيم عباس، وهادي رطّان ومحسن كاظم.





ج4
خصوم الشيوعيين وحزبهم المجيد كانوا شرسين، ومجرّدين من القيم الإنسانية والأخلاق، وقد وفّرت لهم الحكومات الرجعية والدكتاتورية أرضية خصبة لمعاداتنا.
في كربلاء أصبحت عضو اللجنة الحزبية ومسؤولا عن الطلبة مع الرفاق.
إنقطعت أخبارنا عن الحزب والأهل، وعاش كل واحد من عندنا في زنزانة صغيرة.

س 3 : من شيم الاوفياء لمبادئهم هوالاصرار على المضي في درب النضال، رغم ترويع الخصم لهم بانتهاء آدمية الآخر في سبيل فرض العقيدة الفاشية ، بينهم مساحات متباعدة من التقاطع الفكري ، وكانت اشدها فترة سيطرة أزلام الحرس على الشارع السياسي العراقي، ماذا تتذكر من جرائم وانتهاك تلك الاجهزة القمعية بحق الشخصيات الوطنية العراقية؟

هذا السؤال يعود بي إلى الأيام الأولى من إنتمائي لحزب العمال والكادحين العراقيين، أيام الشباب المتحمس للعمل في صفوف الحزب الشيوعي العراقي، أيام التصدي لأعداء الحزب، ومعرفة هؤلاء الأعداء، ويمكن للمرء أن يطلق عليهم صفة الخصم، فخصوم الشيوعيين وحزبهم المجيد كانوا شرسين، ومجرّدين من القيم الإنسانية والأخلاق، وقد وفّرت لهم الحكومات الرجعية والدكتاتورية أرضية خصبة لمعاداتنا، وقد أرادوا فرض آرائهم وتصرفاتهم الحمقاء علينا، ودفاعا عن الوطن والشعب والحزب قدّم حزبنا تضحيات جسام، وشهداء على طريق الحرية، فالخصوم سلكوا كل الطرق الجبانة، وردّدوا شعارات برّاقة لترويعنا، إلا أن إرادة الشيوعيين كانت هي الأقوى.
انّ الأعداء يعلمون قبل الأصدقاء بأنّ الإرهاب قد إشتّد في فترات معّينة ليصل حد الهجوم الضاري والحملات الوحشية المنظّمة الواسعة كما حدث في عام 1963 بعد المؤامرة القذرة إذ تمّ تنصيب المشانق، وبدأت حملة هيستيرية وجرت إعتقالات واسعة، ودفع المتآمرون بالألوف إلى أقبية دوائر الأمن وزنزانات التعذيب، وإلى السجون المختلفة، حيث حوّلوا ساحات الملاعب والمعسكرات والمدارس والنوادي إلى معتقلات يحشر فيها المعتقلون بالألوف من وطنيين وشيوعيين، وقد أعدم أو استشهد من قادة حزبنا الشيوعي العراقي وأعضائه تحت أعواد المشانق، أو تحت التعذيب أو دفنوا أحياء أو رموا بالرصاص الكثيرون، وأمضى الألوف منهم أعواما طويلة من زهرة شبابهم في السجون.
انّ الشيوعيين العراقيين ناضلوا من أجل تذليل العقبات التي أوجدها خصومهم، وشنّوا النضال بمختلف الأساليب، وفي مقدمتها النضال الفكري الذي إتّسم دائما بأهمية كبيرة في كفاح الحزب من أجل تحقيق مهماته، وقد إزدادت أهمية هذا النضال في المنعطفات السياسية الحادة التي تثير عادة جملة من الآراء والإتجاهات المتباينة، أو المتضاربة أحيانا بشأن المستجدات وإتجاهات تطورها.
انّ جرائم الحكومات الرجعية بحق الوطنيين عامة والشيوعيين خاصة كثيرة، ولكن هذه الجرائم إشتدت منذ قيام الردة في مؤامرة 8 شباط 1963، ففي الظروف القاسية التي مرّت على البلاد، أقدم الرجعيون والدكتاتوريون على إغتيال الشيوعيين في الشوارع أو في بيوتهم أو في السجون والمعتقلات وفي طليعتهم سكرتير الحزب فهد وأعضاء المكتب السياسي صارم وحازم، وفي 1963 والسنوات اللاحقة: سكرتير الحزب سلام عادل وأعضاء المكتب السياسي وقادة الحزب الأماجد جمال الحيدري، محمد صالح العبلي، عبدالجبار وهبي (أبو سعيد)، محمد حسين أبو العيس، وجورج تلو، نافع يونس، معروف برزنجي، ستار خضير، عبدالأمير عباس، عادل سليم، علي برزنجي، مجيد حسن، عبدالرحمن صالح خله، فكرت جاويد، حسن شيخ شكر، بكر نه مه لي، حسين محمد سعيد، رؤوف حاجي قادر ، مهدي حميد، محمد صالح العبلي، عبدالرحيم شريف، وجلال الأوقاتي والعدد في تصاعد كلما ضغطنا على الذاكرة، والقائمة تطول ولا تنتهي.
وهنا يجب التذكير بشهداء الحزب في الكفاخ المسلح ضد الطغمة الدموية الـتي حكمت العراق قرابة (45) سنة، والشهداء كما قلت يحتاجون إلى سجل قد يستغرق تدوينه أياما وأشهرا، إن لم أقل سنوات ومن هؤلاء: حمه كوله بال، خدر كاكل، رسول سور، معتصم عبدالكريم، هه زار مام همزه، مجيد دوكاني، سه رباز ملا أحمد، سلام سوله يى، كامران احمد، محمد عبدالجبار، رؤوف حاجي محمد، نجيب شيخ محمد، هيمن توفيق، شوان حمه قتوو، حمه عزيز، بارام هه ورامي، علي حاجي نادر، أبو فؤاد، أبو قيس، جمال راوندوزي، مام كاويس، كاظم وروار، علي كلاشنكوف، احمد حه ساري، ماجد مام علي، أبو فيان، احمد بازوكا، انور حسن، سنكر، الملازم أبو يسار، ملا عثمان، عبدالرحمن لاله، ياسين حاجي قادر وبايز سيد باقي وآخرين بالمئات والألوف.
أمّا عن الشق الثاني من سؤالكم: جرائم وانتهاك تلك الاجهزة القمعية بحق الشخصيات الوطنية العراقية.
أن الجرائم كثيرة ومتشعبة فالشعب العراقي عاش في ظروف قاسية من ملاحقات بوليسية وإعتقالات بالجملة وقتل بالآلاف حتى وصل الأمر بالطاغية صدام حسين أن يقتل أعضاء حزبه المهزوم بصورة علنية وفي لقاء عام (عرس واويه) وكان ضمن تلك الزمرة أعضاء قيادة البعث ومنهم: عدنان الحمداني، محمد عائش، محي مشهداني، وفاضل بدن وعدد كبير من ""كادر صدام حسين المتقدم"".
بالنسبة للشعب الكوردي يتذكر عمليات الأنفال السيئة الصيت التي شنّها النظام الدكتاتوري في 22 شباط 1988 ضد الناس العزل والقرى والقصبات الآمنة، وعلى مقرات الأحزاب الكوردستانية والأحزاب العراقية الوطنية في ـ سركلو وبركلو وياخسمر وجوخماخ وجالاوا ومنطقة دولي جافايتي في السليمانية، حيث أراد العدو الجبان من هذه العمليات النتنة، وهي الأولى في سلسلة الأنفالات إذلال الشعب الكوردي، والقضاء على معنوياته ومن ثمّ سحقه وإبادته.
لقد تعرّض الشعب الكوردي منذ سنوات طويلة إلى حملة إبادة جماعية، وحرب شوفينية حقيقية، وهي من الجرائم البشعة التي تنتهك قواعد القانون الدولي، لأنّها ترتكب بهدف القضاء على مجموعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية، وتنطلق خلفيّتها من الموقف الشوفيني إزاء حق الشعب الكوردي في ممارسة حقوقه القومية العادلة والمشروعة، وقد تصاعدت حملات الإبادة الجماعية، والحرب العنصرية الشوفينية منذ نيسان 1987 متمثلة في الحملات العسكرية التي شنّتها قطعات الجيش العراقي المنحل وأفواج الجحوش المرتزقة في سبيل تهجير وتدمير آلاف القرى، وتشريد عشرات الألوف من المواطنين المسالمين، وإزهاق أرواح الآلاف منهم سعياً إلى إخلاء كوردستان من سكانها، ومحو الوجود القومي الكوردي.
يتذكر الشعب الكوردي بأنّ الطغمة الفاشية قد إستخدمت منذ ربيع عام 1987 الأسلحة الكيمياوية ضد الكورد والحركة الوطنية التحررية الكوردية في كوردستان، في إطار حربها الشوفينيةالقذرة.
و استمّر النظام الشوفيني في إستخدام هذه الأسلحة الفتاكة بصورة متزايدة في أرجاء كوردستان، من مناطق كركوك إلى قرى دهوك، وخصوصاً في بلدة كاني ماسي، ودولي جافايتي، وسيوسينان وقرى قرداغ، وشارزور وآغجلر وكوب تبة وعسكر وجه مى ريزان وحلبجة في السليمانية، وباليسان وقرية شيخ وسان وشقلاوة ودولي سماقولي ودشتي كويه في أربيل في شهر آيار 1987، وفي كل هذه الحالات كان الضحايا من أبناء الشعب الكوردستاني المدنيين الأبرياء ومن منتسبي واعضاء الأحزاب والقوى الوطنية المعارضة الذين كانوا يناضلون ضد الطغمة الفاشية. ان جميع العراقيين الشرفاء يتذكرون الجريمة النكراء في حلبجة وضربها بالسلاح الكيمياوي في ربيع 1988، حيث أودت الغازات السامة وبالأخص غاز السيانيد بحياة خمسة آلاف مواطن معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، وأدت إلى جرح عدد أكبر وتشريد أكثر من ثمانين ألف آخرين إلى دول الجوار، لكي يبدأوا رحلة شاقة وحياة صعبة، وتنتصب اليوم أطلال مدينة حلبجة شاهداً على الوحشية التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ المعاصر. وفي عمليات الأنفال الإجرامية استطاعت القوات المسلحة في الجيش العراقي المنحل هدم منازل الفلاحين وتسويتها مع الأرض وسرقة ممتلكاتهم وحرق القرى التي وصل عددها إلى أكثر من أربعة آلاف قرية، وإعتقال السكان جميعاً بما فيهم الأطفال والنساء والشيوخ، الأمر الذي أدى إلى تشريد آلاف العوائل، وترك قراهم وهجر أراضيهم، كما تمكنت هذه القوات من أسر عدد كبير من الذين حاولوا الهرب.
ان القيام بعمليات الأنفال واستخدام الأسلحة الكيمياوية ضد جماهير الشعب الكوردي وقواه السياسية المعارضة لم يكن، سوى أمتداداً للنهج الإرهابي الفاشي الذي مارسته الدكتاتورية الحاكمة في البلاد ضد الشعب العراقي وقواه الوطنية والديموقراطية، وللسياسة الهمجية التي طبقتها ضد الشعب الكوردستاني منذ سنين طويلة، وهما النهج والسياسة اللذان تفاقما في سنوات الحرب وفي ظل أجوائها. إنّ لجوء حكام بغداد العنصريين إلى هذه الأسلحة المدانة والمحرمة دولياً في محاربة شعبنا وأحزابه الوطنية، وانفلات الطابع السافر للإرهاب، ونتائجه المدمرة، انما يدل على عجزهم المتزايد عن قمع كفاح شعبنا المتنامي بوسائل البطش الدموية الأخرى المتاحة لهم، والتي استخدموها ويستخدمونها على أوسع نطاق.
لقد استطاع النظام أن يسيطر عسكرياًعلى القرى المتبقية في كوردستان، ويلحق أضراراً بحركة الأنصار المسلحة، ولكنه أصيب بهزيمة سياسية لم يشهد لها مثيل، وهبطت سمعته الدولية إلى الحضيض.

س4 : من بديهيات العيش ومتطلبات الحياة ، البحث عن العمل أو الوظيفة لتكوين الأسرة ومن ثم تأمين معيشتهم في ظل تلك الاجواء المكهربة بذبذبات البعث القاتلة لطموح العراقي الحالم في ظل وجود وطن حر وشعب سعيد، ماهي المراحل الصعبة التي استطعت اجتيازها في عملك الوظيفي الى جانب ادائك للعمل التنظيمي والحزبي في نهاية الستينيات الى منتصف السبيعنيات .

بعد خروجي من السجن رجعت إلى بغداد، وعملت عند صديقي المقاول سعيد فرج، إلى أن ذهبت إلى الكوفة نهاية الستينات.كنت في الكوفة مسؤولا حزبيا وفي نفس الوقت عضوا في لجنة النجف القيادية، وبالإضافة إلى العمل الحزبي كنت وكيلا للصديق المقاول سعيد فرج، كنت أنا مختفيا ولكن أعمل في العلن، وكان سعيد فرج مطلوبا من عدة جهات، فهو الآخر كان مختفيا لإتهامه بإغتيال شخص قتل أخاه الشيوعي حسين أمام إحدى الإعداديات في السليمانية في الستينات، كنّا (أنا وسعيد) نحمل بصورة دائمة مسدس، ويحمل كل واحد من عندنا مسدسه بصورة فنية (يقظة منا)، لا (خوفا) لكي لا ننكشف، وقررت الزواج من أحدى قريباتي، ولكن في تلك الأيام إغتالت الشرطة العراقية في محلة البتاوين ببغداد حسن فرج، وهوالأخ الأصغر لسعيد فرج.كان حسن يمشي في ساحة الطيران، وفي دكان حلاقة مقابل كنيسة الأرمن، يرى القاتل الثاني لأخيه الشيوعي حسين، وفي الحال وبدون تردد يخرج مسدسه ( لأنّه يحمل مسدسا أيضا) ويقتل الجاني القاتل لأخيه في السليمانية، وإثر الإطلاقات تتدخل شرطة النجدة فتلاحق حسن إلى داخل محلة البتاوين، وعند المقاومة مع القوة المهاجمة يسقط حسن شهيدا ليلتحق بأخيه الشهيد حسين.لم نتوقع أن تحدث هذه الحالة الأليمة وبالذات في هذا الوقت، شاب قوي، ورفيق درب، يقتل في وضح النهار، وبالنسبة لي أخرت قرار الزواج إلى إشعار آخر، لأننا (أنا وسعيد) أصبحنا أمام واقع مرير، وهو مطلوب أساسا من الحكومة ومن جهات أخرى، ويعمل باسمه الصريح، وأنا بلا هوية ولا مستلزمات الحياة، وبعد مرور أشهر شجعني سعيد من الزواج، وذهبت إلى النجف وأشتريت مستلزمات الحياة الجديدة، وبعلم الرفيق عدنان عباس (مسؤولي الحزبي) وعن طريق الرفيق محمد حسين الحداد حصلت على هوية موظف في معمل الأحذية الشعبية في الكوفة، وقد {زاد الخير}إذ حصلت على هوية ثانية (هوية معلم) بواسطة رفاق الحزب، وسافرت إلى خانقين، ووسط إحتفال ضم الأهل والأصدقاء تمّ زواجي من شريكة حياتي الحالية.سافرت والعروسة وبمصاحبة عدد من الأهل والأقارب من النفطخانة في خانقين إلى بغداد، وذلك في 25/5/1969 وبعد أسبوع سافرنا نحن الإثنين إلى الكوفة لنسكن في محلة السراي بالقرب من بيت الحكيم. قرّر الحزب المشاركة في تظاهرة دعما للفلسطينيين وضد إسرائيل وحرب الأيام الستة، او نكسة العرب في 1967، هذه الحرب التي إندلعت في (5) حزيران، وأنتهت بإستيلاء إسرائيل على غزة والجولان وغيرها، وكان قرار الحزب أن أشارك كمراقب فقط، أي لا أدخل المظاهرة، وانطلقت التظاهرة في علوة المخّضر في النجف متوجهة إلى شارع الصادق والدوران حول مرقد الإمام علي فالعمارة والمشراق والعودة إلى الفلكة على نهاية شارع الصادق. عند إنطلاق التظاهرة سار الرفيق عدنان عباس ( أبو فارس) على الجهة اليسرى، وأنا على الجهة اليمنى، وعند وصولنا إلى باب بداية شارع الصادق أسكت الأمن وجواسيس السلطة الرفيق شريف (مختار) وألتفوا حوله لكي لا يردد شعارات الحزب، فلمّا رأيت المشهد قفزت من الرصيف ودخلت المظاهرة ورددت شعارات الحزب، وأخذت زمام الأمور، ولمّا علم الرفاق أرسلوا أحد الرفاق كي أخرج حالا من المظاهرة والإختفاء عن الأنظار، لأن أزلام السلطة ينوون إعتقالي وهم يحاولون إيجاد مشكلة، وبعد الإنذار الحزبي خرجت بسرعة البرق من المظاهرة ودخلت دكان مرطبات، وطلبت ماعون (دوندرمة مع الفالودة) وبعد إستراحة قصيرة قفلت راجعا إلى البيت في الكوفة، وبعد ساعتين وصل الرفيق محمد حسين الحداد للإطمئنان على عودتي بسلام وإخبار الرفاق بذلك. بدأ الأمن يراقبني من خروجي من البيت ودخولي العمل في مشروع ماء النجف الجديد في الكوفة، إذ لاحظت بنفسي شرطي الأمن المدعو فاضل السهلاني (فاضل أبو خشم) أنفه كان كالمنقار وهو من قرية السهلة القريبة من الكوفة، شاهدته يتلصص، الأمر الذي دفعني أن أصارحه بالقول: فاضل، لماذا تراقبني؟ إختلق فاضل حكاية سخيفة حيث قال لي: أنت يا أحمد شيوعي وتسب آل الحكيم، ونحن لا نقبل منك هذا التصرف!!.قلت له: كذاب يا فاضل، لم أشتم أحدا، وإذا استمريت بالنفاق والمراقبة تخسر، وروح (إذهب) بلغ زمرتك بكل شيء يا حقير يا نذل. بعد أيام جلست في المقهى المشرف على فلكة حبيب الرعاش بالكوفة، وكان الرفيق محسن جالسا معي، شاهدت مفرزة من الأمن متوجهة إلى المقهى، وفي الحال قلت : إسرع وإذهب يا محسن فالأوغاد قدموا، وذهب محسن وجاءت المفرزة وسألوني عن إسمي، فقلت لهم لا حاجة للاسم، وأنتم تعرفون اسمي، ولنذهب!!، وقالوا إلى أين؟ قلت إلى مديرية أمن الكوفة.
قمت من مكاني ووسط دهشتهم سرت بإتجاه الأمن، وصلنا الأمن، وقابلني معاون أمن وسألني عن الاسم. اخبرته وقلت له أنت تعرف اسمي وجماعتك يعرفون اسمي، واستغرب تسألون عن اسمي، وقلت لهم لا أجيب عن أي سؤال يوجه لي، إلى أن يأتي رفيق من رفاقنا في العلاقات مع البعث. حاول المعاون إستباق الوقت، ولكني خيبت ظنه، (كانت بيننا وحزب البعث مفاوضات حول ""جبهة وطنية"".
عندما تركني الرفيق محسن، ذهب إلى رفيق من رفاق المدينة وأبلغه بأن الأوغاد إقتادوا الرفيق (ابو وثّاب) إلى مديرية الأمن، وأبو وثاب، اسم من اسمائي المتعددة.
خرجت من الأمن برفقة رفيق العلاقات، وفي اليوم الثاني وفي لقاء المنظمة، أبلغوني بالسفر إلى كربلاء للإبتعاد عن الإشكالات لهؤلاء الأوغاد.
بعت مستلزمات الحياة الجديدة بسعر رخيص وسط حسرة زوجتي، وفي اليوم الثاني وقفت سيارة بيك آب أمام البيت مع الرفيق فاضل جريو، وركبنا السيارة، وبعد نزول فاضل جريو في النجف، إستمرت السيارة في سيرها إلى كربلاء, وصلنا كربلاء وقلت لزوجتي: إدخلي مرقد العباس واجلسي إلى أن أجد الرفاق والبيت المخصص لنا وسوف أعود قريبا، وبعد ساعات مضنية وجدت الرفاق، وذهبت وجلبت زوجتي لندخل بيت كبير من (6) غرف في محلة العباسيين خلف المحافظة والقريب من دائرة الري، وفي كربلاء أصبحت عضو اللجنة الحزبية ومسؤولا عن الطلبة مع الرفاق، زكي مسؤول المعلمين، والرفيق أبو العباس مسؤول العمالية، والرفيق مصلح الراديوات (نسيت اسمه الحقيقي، واسمه الحزبي - ث) مسؤول الفلاحية، وكان الرفيق فراس الحمداني (أبو سمير) مسؤول اللجنة.
عملت عند الأستاذ المهندس والشخصية الوطنية حكمت محمد الفرحان في مبازل كربلاء كمقاول، ولكنني خسرت ولم أربح، لعدم معرفتي بقضايا البزل.
في شباط 1970 سمعت من الحزب بوجود مفاوضات بين السلطة والحزب الديموقراطي الكوردستاني، وبموافقة الحزب عدت مع زوجتي إلى السليمانية، ومن ثمّ إلى دربندخان، وفي يوم وصولي أصبحت عضوا في اللجنة القيادية وفيما بعد مسؤولا عنها، ووجدت عملا في دائرة ري دربندخان/ مشروع حماية الجانب الأيسر من السد/ مقاولة رقم (6).
في 11 آذار/مارس 1970 صدر بيان 11 آذار التاريخي، وفي نفس الليلة نظمنا مظاهرة كبيرة تأييدا للإتفاقية، وردد بعض رفاقنا شعارات براقة، وعند صدور البيان لم تكن للحزب الديموقراطي الكوردستاني تنظيم حزبي، وبموافقة مكتب محلية السليمانية (ملمس) شكلنا لهم تنظيم حزبي، ريثما يتمكنون من إيجاد قاعدة لهم، وهذا العمل عاد سلبا على حزبنا، والمجال هنا لا يساعدنا في الخوض فيه.
في بداية عام 1971 طلب الحزب مني الحصول على إجازة سوق، وقد حصلت على الإجازة بمساعدة المعارف فورا، ومن دون معرفة مسؤولي الحزبي إلتقى بي رفيق قيادي طالبا مني التوجه إلى كركوك للقيام بمهمة حزبية.
وصلت كركوك في أجواء مشحونة وأخبار غير سارة من العاصمة بغداد إذ استطاع أفراد الأمن والمخابرات العراقية إلقاء القبض على الرفيق توفيق احمد عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، ورغم جسارته وشجاعته المعروفة للجميع لم يقاوم الأشرار وأفشى أسرار حزبية خطرة من ضمنها بيوت حزبية ومطابع وسيارات ورفاق، وكانت لهذه الضربة والخسارة الفادحة أثرا كبيرا على مجريات الأمور، ومنها إفشال مهمتي المزمع إستلامها من الحزب.
في 4/6/1971 وفي ساعات الظهيرة الحارة طوّق أوغاد البعث وجواسيسه من الأمن والشرطة والإستخبارات العسكرية بيت أختي الشيوعية الباسلة فوزية رجب حيث أسكن، وتم كبس البيت وإعتقال زوج أختي وأبن عمتي الشيوعي حسين نادر، وأبن أختي علي، والرفيق علي برزنجي عضو اللجنة المركزية، والإستيلاء على سيارة حزبية (شفروليت 58) مع مطبعة جديدة (زنكغراف)، وتم إعتقال مام عزيز وهو والد الشهيد بروا والسجين السياسي لمدة (14) سنة الرفيق بولا عزيز وإعتقال السائق الذي أراد نقل المطبعة من كركوك بإتجاه داربه سه ر في قضاء كويه، وعلى الفور تم إرسالنا إلى قصر النهاية (قصر الرحاب) في بغداد، ومنذ وصولنا تم تفريقنا ليدخل كل واحد منّا غرفة من غرف التعذيب البشعة بإشراف المجرم ناظم كزار، حيث الصوندات المطّعمة بالأسلاك والخيزرانات (عصا من نوع جيد) وأدوات القلع والقرض مع المراوح المخصصة لتعليق السجناء مع كل شيء سيء كالبعثيين وأزلام الأمن والشرطة.
إنقطعت أخبارنا عن الحزب والأهل، وعاش كل واحد من عندنا في زنزانة صغيرة كقن الدجاج، وكان أفراد الأمن على أهبة الإستعداد لضربنا عندما كانوا يفتحون الأبواب والخروج للمرافق وشرب الماء من الحنفيات وفي عز الحر في بغداد، وبيد كل واحد منهم صوندة وهم يصرخون ويستخدمون كلمة (منهي، منهي) وإذا تأخر واحد منّا فالصوندات تشتغل عليه، وفي أواخر شهر أيلول بدأت الحوارات والتقارب بين الشيوعي العراقي والبعث الحاكم من أجل ""جبهة وطنية"" وكان من شروط حزبنا تمهيدا للجبهة إطلاق سراح المعتقلين الشيوعيين والسياسيين، فتمّ إطلاق سراحي مع أبن عمتي، وعلمنا بأنهم أطلقوا سراح علي ومام عزيز والسائق قبلنا، وأما الرفيق علي برزنجي (أبو كلارا) إنقطعت أخباره وعلمنا فيما بعد بأنّه استشهد تحت التعذيب وبصفته مسؤولا عن بريد الداخل والخارج وإيصال الرسائل والأدبيات إمتاز بعزيمة بطولية لم يستفد منه المجرم ناظم كزار وزبانيته.






ج5

إثر هزيمة الخامس من حزيران 1967 تزعزعت ثقة الجماهير في مختلف البلدان العربية بالقيادات البرجوازية الصغيرة.
حاول حزب البعث منذ بداية مجيئه محاصرة الحركة الجماهيرية والحيلولة دون نمو تأثيرها على سير البلاد اللاحق
كان حزبنا الشيوعي منذ البداية يقدر الأهمية الكبيرة لإنضمام الحزب الديموقراطي الكوردستاني (حدك) إلى الجبهة بما يمثله من ثقل سياسي وعسكري في ذلك الوقت.

بعد العودة إلى كوردستان، وفي السليمانية حصلت على عمل في المؤسسة العامة للتصميم والإنشاء الصناعي، هذه المؤسسة راقبت وأشرفت على أعمال المؤسسة العامة للمواد الغذائية/ إنجاز معمل سكر السليمانية، والجهة المنفذة شركة كوفي وشركة سادي الإسبانيتين.
كانت الشركتان محتالتين وتهضم حقوق العمال، وكانت النقابات تستخدم لغة التهديد والوعيد مع العمال لأنّ مسؤوليها يحصلون على الحلاوة (الرشوة) من الشركتين، وفي أحد الأيام أصطحبت الأخ رحيم كرمياني رئيس النقابة في معمل سكر السليمانية وجلسنا على رابية، وتحدثنا عن العمال وحقوقهم وكيفية الدفاع عنهم، وقررنا تشكيل لجنة من العمال والإستعداد لإضراب يشمل جميع العمال، وشكرني الأخ رحيم وهو بارتي (عضو في الحزب الديموقراطي الكوردستاني)، وشكلنا لجنة من البارتيين والشيوعيين وحددنا يوم الإضراب.
وفي اليوم المقرر بدأ العمال إضرابا بطوليا، وأراد البعض التأثير على بعض العمال ورشوتهم وإستدراجهم وخروجهم لكسر الإضراب، إلا أن التلاحم بين العمال أفشل خطط المنافقين والدجالين ممن لبسوا لبوس الدفاع عن العمال زورا، وفي اليوم الثاني إستنجدت الشركتين الإسبانيتين برئيس إتحاد النقابات في السليمانية السيد رشيد عارف لإيجاد حل للمشكلة وعودة العمال للعمل، فجاء السيد رشيد عارف ومعه السيد محمود ملا عزت، والإثنان من الحزب الديموقراطي الكوردستاني، فالأول رئيس إتحاد النقابات والثاني عضو الفرع الرابع للبارتي،
تحدث الإثنان وهددا العمال بعواقب وخيمة إن لم يعودوا إلى أعمالهم، ولكن العمال وقفوا بوجههم بصلابة ورباطة جأش ولم يعيروا إهتماما لأقوالهما، وعندما كررا التهديد والوعيد، ووسط الهتافات والشعارات طالب العمال أن يخرجا، وبدأوا يصفقون ويتابعون خروجهما ويرددون: نحن عمال نطالب بحقوقنا، وفي اليوم الثالث تنازلت الشركتان وأتفقتا إعطاء العمال حقوقهم المهضومة، وقد كتبت مقالة حول إنتصار العمال في معمل سكر السليمانية باللغة الكوردية في جريدة الحزب: بيرى نوى (الفكر الجديد) وعنوان المقالة باللغة الكوردية: سه ركه وتن له يه ككرتندايه (الإنتصار في الوحدة والتلاحم).
بعد نشر المقالة وإنتقاما من ضعاف الأنفس تمّ طرد الأخ رحيم من النقابة مع عمال آخرين، وبدأت حملة بوليسية داخل المعمل، ولفقوا كذبة كبيرة ضدي، حيث لقّنوا العامل المدعو: عمر باوه مرده يى الكذبة ودفعوه أن يسّجل دعوى ضدي في الفرع الرابع للحزب الديموقراطي الكوردستاني بأنّ أحمد رجب قد سبّ ملا مصطفى، وعند العودة زرت مقر حزبنا الشيوعي في السليمانية وأستقبلني الرفيقان: أحمد حامد وفكرت جاويد من لجنة العلاقات ووجها سؤالا: هل سبيت ملا مصطفى؟.
ووسط الإندهاش والتعجب قلت: ما هذا؟ إنّه سؤال سخيف!!.
قال الرفيق أحمد حامد: لنذهب معا إلى مقر الفرع الرابع للبارتي.
ركبنا السيارة، ووصلنا مقر الفرع ودخلنا غرفة السادة المسؤولين وأستقبلنا كل من: محمد رحيم {{(هه فال جوجه له) – خالو حاجي}} وقادر جباري أعضاء الفرع الرابع.
قال الرفيق أحمد حامد: هذا الرفيق هو أحمد رجب، أين مسجل الدعوى؟
وعلمنا بأنّه لم يحضر، وتكررت هذه الزيارة لمدة (3) أيام متتالية، والمتهم أحمد رجب يحضر ومسجل الدعوى والشاهد لا يحضر، علما أن البارتي هو الحاكم الفعلي في السليمانية.
قال الرفيقان أحمد حامد وفكرت جاويد: يبدو ان رفيقكم عمر باوه مورده يى لم يكن صادقا، أو إنكم نسجتم هذه الكذبة لرفيقنا، وهنا إعتذرا ولسان حالهما يقول: سنجلبه ونحقق معه وسوف نسجنه. لم ولن أسب ملا مصطفى، وهو القائد للشعب الكوردي، ولكن أسفا لجماعة يعملون في السياسة، وشغلهم الشاغل الإنتقاص من الآخرين، لم أسب بارزاني، ولن أسب بارزاني أبدا، وأنا فخور بمصطفى بارزاني قديما وحديثا، سابقا وحاليا، ولكن حقد الناس يطفو على وجوههم الكالحة ويموتون غيضا.
إثر اللعبة القذرة المفتعلة من (رشيد عارف ورهطه الاشاوس) شارك الأستاذ علي عبدالله سكرتير البارتي آنذاك ومحافظ السليمانية المدعو الكذاب عمر باوه مورده يى كذبته فأصدر فرمانه "التاريخي" بنقلي إلى معمل النسيج في كوران في محافظة أربيل بناء للمصلحة العامة، كأنّه أسدى للشعب الكوردي بشرى بناء دولته المستقلة المنشودة.
ذهبت إلى كوران، وعملت مع صديقي المهندس الأخ صادق رواندوزي، ورغم أن عملي كان جيدا، وأنا مرتاح، قدمت إستقالتي من معمل نسيج كوران كتحدي شخصي لقرار نقلي الجائر من السيد المحافظ وسكرتير البارتي، فقدمت طلبا للتوظيف في مديرية تربية السليمانية، حيث حصلت على رسالة من الرفيق عبدالله قره داغي (ملا علي) إلى صديق طفولته ومدرسته مهدي شريف، قدمت الرسالة لمهدي شريف، ولكن للحقيقة لم يكن شريفا لانه قال: تحتاج إلى تزكية، وكان يقصد تزكية من حزب البعث (هكذا كانوا يشترون ذمم الضعفاء، ويعملون كجواسيس لحزب البعث).
ذهبت إلى بغداد وقدمت طلبا إلى الوزارة، وذكرت في الطلب بأن تربية السليمانية بحاجة لمأمور مخزن، والعجيب حصلت على موافقة الوزارة كمأمور مخزن، وعند العودة إلى السليمانية باشرت بوظيفتي الجديدة، وقد تغيرت الأوضاع بسبب عدم تنفيذ بيان 11 آذار من قبل سلطة البعث، وأصبح شكري صبري الحديثي محافظا للسليمانية، بدلا من الأستاذ علي عبدالله سكرتير البارتي.


س5 : معايشتك في فترة الجبهة الوطنية، وخدعة البعث في الإلتفاف على الأحزاب العراقية الأخرى وفي مقدمتهم الحزب الذي آمنتَ به مذ مطلع شبابك ، أنت كسياسي كيف تعاملت مع تلك اللعبة ، وبالاخص مع حزب له ماضيه الدموي مع الأحزاب العراقية التقدمية الأخرى؟

إثر هزيمة الخامس من حزيران 1967 تزعزعت ثقة الجماهير في مختلف البلدان العربية بالقيادات البرجوازية الصغيرة، وفي العراق كان الحكم العارفي الدكتاتوري الرجعي يعاني من الضعف والعزلة عن الجماهير، وفي المقابل شهد هذا العام نهوض ثوري جماهيري ومن أبرز علائمه فوز القائمة الديموقراطية اليسارية في إنتخابات الطلبة وخاصة في الجامعات في ربيع 1967، والإضرابات والنضالات في بداية عام 1968 بمشاركة جميع قوى المعارضة، والتي تطّوع لكسرها البعثيون من زمرة احمد حسن البكر وصدام حسين بالتعاون مع أجهزة النظام القمعية. وفي ظل تطور الأوضاع في العراق بادر عدد من كبار الضباط الرجعيين من ذوي الإرتباط بالدوائر الإمبريالية وحزب البعث بمؤامرة 17 تموز 1968، وفي 30 تموز من نفس العام تمّ إستبعاد عدد من الضباط المشاركين فيها، ممّا أدّى إلى رجحان كفة البعث في السلطة بشكل حاسم.
بعد إستلام البعث للسلطة طرح الحزب الشيوعي العراقي في بيان صدر في 29 تموز 1968 على حكومة البعث مطاليب جماهيرية يستوجب حلها من اجل الخروج من الازمة التي كان يعاني منها العراق، وتتلخص حول الديموقراطية والنظام الديموقراطي، وحل المسألة الكوردية حلا عادلا وعدم اللجوء للحرب، ومعالجة الوضع المعاشي والإقتصادي للطبقة العاملة والفلاحين وسائر الكادحين، والموقف الحازم تجاه الإحتكارات البترولية، وتطهير جهاز الدولة وضرب شبكات التخريب ومطاليب أخرى.
ان نضال الشعب العراقي ونضال حزبنا لتحقيق الأهداف والشعارات التي رفعها الحزب، جعل منها قوة مادية بفعل تبنيها من الجماهير والأحزاب والقوى الوطنية الأخرى، لذا بدأت حكومة البعث الجديدة بتحقيق بعض هذه الشعارات التي ناضل الشعب العراقي سنوات طويلة لتحقيقها سواء في الميادين السياسية أو الإقتصادية أو الإجتماعية.
في أيلول عام 1968 طرح الحزب الشيوعي العراقي ميثاق الجبهة الوطنية على الاحزاب والمنظمات السياسية والكثير من الشخصيات الوطنية، وأكّد على شعار الحكم الوطني الديموقراطي الإئتلافي كطريق مضمون لتحقيق أهداف الحركة الوطنية، ووقع بالإضافة إلى حزبنا الشيوعي، الحزب الوطني الديموقراطي، الحركة الإشتراكية العربية والديموقراطيون المستقلون على مذكرة بمطاليب الجماهير جرى تقديمها إلى رئيس الجمهورية.
وتحت ضغط المطالبة الجماهيرية ورغبة الحكومة في كسب تأييد الرأي العام، أقدمت السلطة على إطلاق سراح السجناء السياسيين على وجبات، وقللت من الملاحقة والمطاردة البوليسية ضد أعضاء حزبنا الشيوعي العراقي، وأعادت المفصوليين السياسيين إلى العمل، وأوجدت وظائف مدنية للعسكريين، وأخذ الحزب يوزع نشرياته وبياناته علنا.
حاول حزب البعث منذ بداية مجيئه محاصرة الحركة الجماهيرية والحيلولة دون نمو تأثيرها على سير البلاد اللاحق، وأنتهج البعث سياسة خاطئة من النشاطات الجماهيرية والعمالية، وجرى إطلاق النار على عمال الزيوت النباتية المضربين، وقتل عاملين، والهجوم على التجمع الجماهيري الذي نظّمه الحزب في ساحة السباع في بغداد في ذكرى ثورة اكتوبر، وقتل رفاقنا، ومواصلة ملاحقة القوى والشخصيات الوطنية وإضطهادهم بشكل وحشي وتصفية بعضهم جسديا والتعريض بالعقيدة الشيوعية إعلاميا، ومواصلة الحرب الشوفينية ضد الشعب الكوردي، وفرض سيطرته التامة على الحركة النقابية والفلاحية.
ولمّا رأى البعث أنّه يعيش في عزلة، بدأ العمل على نهج جديد لينقذ نفسه، ففي 15 تشرين الثاني 1971 طرح مسودة (مسودة ميثاق العمل الوطني) وأعتبر حزبنا الشيوعي هذه المسودة أساسا صالحا للحوار مع البعث من أجل إقامة الجبهة، ورأى حزبنا بأنّ مشروع الميثاق من حيث مضامينه وإتجاهاته الرئيسية معاد للإمبريالية، ويدعو القوى الوطنية المعادية للإمبريالية والرجعية إلى التعاون من اجل تحقيق هذه الأهداف، ويؤكد على توثيق التعاون مع البلدان الإشتراكية، ويؤكد أيضا على الحل السلمي الديموقراطي للمسألة الكوردية، وان بيان 11 آذار هو الإطار السليم لضمان الحقوق والتطلعات القومية المشروعة للشعب الكوردي بما فيها الحكم الذاتي، وفي مشروع الميثاق إشارات واضحة للتحولات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية، ويشير بوضوح إلى السياسة الخاطئة التي أتبعها البعث في بداية مجيئه، والإخفاقات التي وقع فيها، وتضّمن المشروع نصا يدعو إلى: توفير كل الأجواء الديموقراطية الثورية للجماهير وتصفية مظاهر الإضطهاد ضدها، وضد مؤسساتها السياسية والنقابية والثقافية.
جرت مفاوضات بين حزبنا الشيوعي العراقي وحزب البعث، وقدم كل حزب مفهومه للجبهة, وكان مفهوم البعث تفرده بالسلطة وقيادة الجبهة، ومفهومه عن الديموقراطية هو التمسك بوصايته على الجماهير ومنظماتها المهنية والنقابية، وألّح البعث تعزيز التعاون مع الحزب الشيوعي بعد عقد معاهدة الصداقة والتعاون مع الإتحاد السوفيتي في نيسان 1972، وشارك الحزب الشيوعي بوزيرين، وكان للحزب الديموقراطي الكوردستاني آنذاك خمسة وزراء، وفي حزيران من نفس العام نشبت معركة التأميم، وتمّ السماح بإصدار جريدة اسبوعية ثقافية عامة كوردية عربية باسم: بيرى نوى (الفكر الجديد) إلى جانب مجلة الثقافة الجديدة الشهرية.
كان حزبنا الشيوعي منذ البداية يقدر الأهمية الكبيرة لإنضمام الحزب الديموقراطي الكوردستاني (حدك) إلى الجبهة بما يمثله من ثقل سياسي وعسكري في ذلك الوقت، ومن هذا المنطلق بذل حزبنا جهودا كبيرة لإقناع (حدك) بالإنضمام إلى الجبهة بأمل زيادة وزن القوى الديموقراطية داخليا لصالح النضال من أجل الحقوق والحريات الديموقراطية، وإنهاء فترة الإنتقال وإقامة الأوضاع الدستورية، وتحقيق الحكم الذاتي، وتشريع قانون له، وإقامة مؤسساته التشريعية والتنفيذية على أسس ديموقراطية، إلا انّ (حدك) وقف موقفا سلبيا من المساهمة في الحوار بشأن الجبهة جرّاء رفضه إشراك حزبنا الشيوعي فيها، وأصّر على حصره بين حدك والبعث – ممثلي القوميتين الرئيسيتين,قام (حدك) بملاحقة رفاقنا في مناطق نفوذه، وقتل العديد منهم وخصوصا جريمة قتل (11) رفيق بيد عيسى سوار، وإغتيال الرفيق فكرت جاويد في السليمانية، وشن حملة هيستيرية على منظمات حزبنا في قلعة دزة، رانية، دوكان، قره داغ وأماكن أخرى في السليمانية وكركوك وأربيل ودهوك، وإعتقال رفاقنا وإرسالهم إلى مناطق نفوذهم وتعذيبهم بأبشع أدوات التعذيب ومطالبتهم بالتنازل والبراءة من الشيوعية، كما يفعل البعثيون في السجون والمعتقلات.وافق حزبنا على قيام ""الجبهة الوطنية التقدمية"" رغم الملاحظات العديدة حولها، وكان للإتحاد السوفيتي والدول التي أطلقنا عليها الإشتراكية دورا كبيرا في دفع حزبنا، وهنا يجب أن أقول بصراحة بأنّ أكثرية القاعدة الحزبية والرفاق وقفوا ضد هذه الجبهة، وقد استقال عدد غير قليل من الرفاق في السليمانية وخصوصا الرفاق الشباب، وهذا الحال إنسحب بدون شك على منظمات أخرى في بقية المحافظات، وأصبحت الجبهة نقطة بحث مهمة في كل الإجتماعات الحزبية بدءا من الخلايا وإنتهاءا باللجان الحزبية العليا، وكان قيام الجبهة ضربة لجماهير الحزب، وفرضت الظروف السياسية الجديدة حالة الإحتراب المؤسفة بين حزبنا وحدك، وكان الرابح الأول والأخير هو حزب البعث الذي تحول إلى حزب دموي فاشي، ومن حسناتهم وبركاتهم للشعب العراقي المقابر الجماعية في عرض وطول البلاد.

ج6

بعد إنهيار "الجبهة" على يد البعثيين إستشرست السلطة الدموية بوتيرة عالية أكثر بكثير من السابق.

كنت وجها شيوعيا معروفا في السليمانية، وكنت موظفا في مديرية تربية السليمانية.

نعم، حملنا السلاح لأن الأوضاع أجبرتنا للدفاع عن أهدافنا ومبادئنا وحزبنا وكرامتنا، فالشيوعيون والوطنيون لم يكونوا من هواة وعشاق رفع السلاح.

لست نادما، بل فخور جدا، لأنني ساهمت بقسط يسير دفاعا عن الشعب والوطن، دفاعا عن الكوردايه تي والمباديء الشيوعية.



س6 : بعدما ضاقت الارض بك وبرفاقك الذين رفضوا طروحات الفاشية في مداهنتها المرحلية لتقزيم الاحزاب الوطنية وضيق مجال التحرك للتوجهات اليسارية العراقية ، لم يبق سبيل لك ولرفاقك الا مجاهرة السلطة بالكفاح المسلح، كيف بدأت لديك فكرة معانقة خنادق جبال كوردستان؟

بعد إنهيار "الجبهة" على يد البعثيين إستشرست السلطة الدموية بوتيرة عالية أكثر بكثير من السابق، فعادت حليمة إلى عاداتها القديمة وشنّت أوسع وأشرس حملة إرهابية دموية إستهدفت تصفية الحزب والشيوعيين العراقيين، وقامت بالقتل الجماعي المنظم للشيوعيين كما حدث لنخبة العسكريين الشباب ومن بينهم اللاعب الشهيرالشهيد الشيوعي بشار رشيد ورفاقه الأبطال الذين اعدمتهم السلطة الفاشية في آيار 1978 بتهم ملفقة جاهزة من أقزام البعث العربي الإشتراكي، ان العنف أصبح وسيلة النظام الدموي في مواجهة حزبنا الشيوعي وجميع القوى والأحزاب الوطنية، ولم يبق أمام الحركة الوطنية سوى طريق العنف الثوري لحماية نفسها، ولمواصلة النضال دفاعا عن مصالح الشعب ولمواجهة عنف السلطة الدكتاتورية.
كنت وجها شيوعيا معروفا في السليمانية، وكنت موظفا في مديرية تربية السليمانية، وكان السيد محمد بيروز مديرا عاما للتربية، وهو عضو شعبة السليمانية للبعث، وكانت علاقاتنا جيدة، وفي أحد الأيام خابرني تلفونيا وطلب مني الحضور إلى ديوانه في التربية، وعند اللقاء أخبرني بأنّ ما يسمى بـ (مجلس قيادة الثورة) أصدر قرارا بنقلي إلى الإدارة المحلية في ميسان وبدرجة أقل (عقوبة بعثية) إنتقاما مني لكوني شيوعيا.
باشرت بوظيفتي الجديدة في العمارة، وبعد اسبوع رجعت إلى السليمانية، وأشتريت ملابس كوردية وتجهيزات اخرى قد أحتاجها قريبا، وفي الليل ذهبت إلى الأخ كريم مورياسي وكان يعمل معي عاملا في المخازن، وأخبرته بأني على وعدي جاهز، وفي اليوم الثاني فجرا جاء كريم مع سيارة لاندروفر، وركبت وذهبنا وعبرنا السيطرات بسهولة حتى وصلنا قرية مورياس في ناحية برزنجة، ودخلنا على غيرموعد بيت خال كريم، وقلت لكريم في الحال ان خالكم (معّبس)، لماذا؟، وبعد الإستراحة علمنا أن الشياب الشيوخ يخافون من السلطة والاخبارية، وهم بعكس الشباب المتحمسين للمساعدة وتقديم كل الخدمات من شأنها رفع اسم الأنصار البيشمه ركه.
بعد يومين توجهنا إلى قرية قويلة بحثا عن البيشمه ركه، كان الوضع على نار، السلطة تعتقل وتقتل إذا حصلت على أي دليل يكون ضدهم، في قويلة رأينا إثنين من البيشمه ركه، وبمساعدتهما رأينا أنفسنا في دولى كلال في حر شهر آب، كانت الصخور تولّد الشرارة من شدة الحر، سرنا مسافة طويلة بدون ماء، وبالمناسبة أشرب الماء بكثرة (بصورة لا تصدق) في الظروف العادية، ماذا نفعل يا كريم ؟ لا يوجد ماء.
سرنا مسافة طويلة جدا وجدنا كانى (نبع أو عين ماء) فيه الماء القليل والكثرة من الذباب والحشرات، اسرعت إلى العين وصاح كريم تموت لا تشرب، سنصعد هذا الجبل وسنجد الماء النظيف، لم أهتم لقول كريم وشربت الماء، وبدأنا نصعد الجبل ووجدنا عين ماء جيد وحوض ماء، فبدون نزع الملابس قفزت إلى الحوض.
في الليل نمنا عند راعي كوردي بعد أن اكلنا الخبز وشربنا الشاي وفرشنا الأرض لأول مرة في حياتي، وعند الفجر أخبرنا الراعي بالذهاب وبحذر فالسمتيات وطائرات الهليكوبتر للنظام الدموي تبحث أحيانا عن البيشمه ركه، او ان القوات الحكومية (الجيش) تقوم بتمشيط المنطقة، والمهم صعدنا الجبل من الجنوب ونزلنا من الجبل في الشمال إلى قرية رزلة، وبسرعة فائقة أكلنا الفطور: خبز حار، لبن جيد، شاي، وتركنا القرية وذهبنا إلى قرية باره زان ودخلناها بسلام، وهنا إنتهت مهمة الأخ كريم مورياسي لأنه إلتحق بقوات الإتحاد الوطني الكوردستاني (أوك).
عاش في القرية عدد من البيشمه ركة مع عوائلهم، ومنهم حمه ى حاجي محمود السكرتير الحالي للحزب الإشتراكي الكوردستاني، وكاك حمه جه زا واحمد قويله يى وآخرين، بقيت في بيت الأخ حمة جه زا مدة (3) أيام، وكانت العادة أن يترك البيشمه ركه البيوت من الفجر لأن العدو الشرس كان يطوّق قرية من القرى، وبعد التأكد من سلامة القرية يعود الرجال إليها.
بمساعدة (أوك) وصلت إلى مدينة بانه الكوردستانية في إيران، وكانت أكثرية المدن الكوردستانية بيد الأحزاب الكوردستانية ومنها الحزب الديموقراطي الكوردستاني – إيران (حدكا) وكومه له وغيرها، ذهبت إلى الأخ صلاح حاجي رفيق وكانت علاقاتنا جيدة عائليا، وهو مسؤول منظمة (أوك) في بانه، وبعد الترحيب والإستقبال الجيد والبقاء عنده، أخبرني ان رفاقنا الشيوعيين في توزه له بالقرب من قيادة أوك، وفي الصباح توجهت إلى مدينة سردشت، وعند الوصول التقيت بطريق الصدفة مع الاخ محمود عباس وأنصار آخرين، ومنهم استفسرت عن الطريق إلى توزه له، وسرت مشيا من قرية بيوران إلى قرية بنوخلف، وبعد ساعتين وصلت مقر الرفاق.
بقيت في القاعدة عدة أيام، وصدر قرار بالتوجه إلى رفاق السليمانية المتواجدين في قرية بله بزان بالقرب من منطقة هه ورامان، ومشيا على الأقدام وصلت قرية بيوران ثم سردشت وبانه، ومن بانه إلى مدينة مه ريوان، ووصلت المدينة ونمت ليلة في أحد فنادقها، وفي الصباح بعد تناول الفطور تهيأت للسفر إلى رفاق السليمانية، ووصلت الكراج لكي استقل سيارة، وأنا بهذا الحال سمعت إطلاقات وعيارات نارية في أكثر من مكان، وسألت أحد المارة: ما هذا؟ قال: الحكومة الإيرانية أرسلت قوة عسكرية ويريدون دخول المدينة، ولكن بيشمه ركة الأحزاب الكوردستانية تقاتلهم، وسمي هذا القتال أو اليوم بـ (14 بهمن) حسب التقويم الشمسي ـ الإيراني.
بعد تعب وعناء واستفسارات وصلت قرية بله بزان حيث رفاقي وأصدقائي، وبدأت اللقبلات الأخوية والرفاقية، فكان اللقاء بحق عرسا لا مثيل له، وكانت المصيبة ان عددنا كبير وسلاحنا قليل جدا، تصوروا 200 رفيق مقابل 10 قطع من الأسلحة أكثرها رديئة,
بعد قتال مرير دخلت القوات الإيرانية مدينة باوه، الأمر الذي دفع رفاقنا العودة إلى أراضينا وترك القرية الإيرانية، وكان إنسحابنا منظما، وعند نزولنا عبرنا نهر سيروان، واتخذنا من هه زار به س و جه مى كريانه مقرات لنا، وأصبحنا على مقربة من قوات صدام حسين العسكرية، وكانت حياتنا صعبة للغاية وكنا في الصباح (الفطور) نأكل الخبز ونشرب الشاي، وفي الظهر (الغدة) نشرب الشاي ونأكل الخبز، وفي المساء (العشاء) نأكل ونشرب كما في الصباح والظهر، وبقينا على هذه الحالة لمدة شهر، وبعد هذا التاريخ تحّسن وضعنا إقتصاديا.
في الخريف توجهت مع عدد من الرفاق (50) رفيق تقريبا بقيادة الرفيق توفيق حاجي إلى القيادة في توزه له، وخلال (4) أيام من التعب ومواجهة الصعاب وصلنا حيث القيادة، وكانت القيادة تتكوّن من الرفاق: توما توماس (أبو جميل)، فاتح رسول (أبو آسوس)، أحمد بانيخيلاني (أبو سه رباز) والرفيق ملا علي مسؤولا عسكريا، ورأيناهم مشغولين بتوريع الرفاق، وتشكيل مفارز أو فصائل في الوقت الحاضر.
حصل الحزب عن طريق الأصدقاء والأحزاب الكوردستانية على قطع جديدة من السلاح، ونحن في السليمانية كانت لنا مفرزتنا الخاصة باسم (رفاق السليمانية) وكان آمر المفرزة الرفيق حمه صالح قه ره جه تاني (حمه كريم).
في نهاية تشرين الأول تحركت مفرزة قوامها (15) رفيق إلى قرى ومناطق السليمانية، وعند وصولنا إلى قرية هه رزنه عبرنا نهر الزاب السفلى ووصلنا إلى أراضينا والقرى المهّجرة قسرا من قبل السلطة الفاشية، ومن خلال دولى (وادي) سه فره و زه رون، وكه وره دى وصلنا قرية مالومه، والتقينا قوة من أوك بقيادة جمال على بابير، وبعد توزيعنا على البيوت (كما العادة) حملنا البطانيات وذهبنا إلى الجامع (كانت العادة أن تأكل مع رفيق أو رفيقين في بيت فلاح، ومن ثمّ إستلام الفراش من البيت والذهاب إلى الجامع) لأن الجميع سينامون هناك ويكون حرس الحماية بالتناوب، إنّها حياة جديدة، وصعبة للغاية.
في الجامع زارنا أبناء ورجال ومعلمي القرية وهم يرون لأول مرة مفرزة شيوعية في قريتهم، وعند الأحاديث تعرفت على أحد أبناء مدينتي خانقين، وهو المعلم والفنان رمزي قطب، وتبادلنا الأحاديث مع الجميع، وكانت مهمة مفرزتنا إعلامية والتعرف على مزاج الجماهير والناس.
زرنا قرى ياخسه مه ر، هه له دن، جالاوه، جوخماخ، كابيلون، قه يوان السفلى والعليا، قزلر، زيوى، قه ره جه تان، وعند العودة زرنا قرية ولاغ لو، وسلكنا طريق سفرة وزرون وهرزنه، بيتوش، جبل زه ردك، درمان آوا، بيوران، بنو خلف إلى أن وصلنا مقر الحزب.
واستمرت مفرزتنا تذهب إلى أرض الوطن وتنفذ مهامها ومن ثمّ تعود، وفي 24 آذار 1980 عبرنا جبل بيره مكرون وجئنا إلى قرية قزلر، وبعد أقل من ساعة هاجمتنا طائرات الهليكوبتر والسمتيات للنظام الدموي، فبدأت بالقصف العشوائي باديء الأمر، وإنزال الجنود والجحوش، وبعد معركة غير متكافئة قدمنا خمسة شهداء وهم الرفاق: أستاذ اللغة الإنكليزية في ثانوية روشنبير شفيق كريم (شاهو)، الفنّان معتصم عبدالكريم (أبو زهرة)، عمر حمه بجكول (ملا حسين)، حسن رشيد وهزار مام همزة.
نعم، حملنا السلاح لأن الأوضاع أجبرتنا للدفاع عن أهدافنا ومبادئنا وحزبنا وكرامتنا، فالشيوعيون والوطنيون لم يكونوا من هواة وعشاق رفع السلاح، ورفع وحمل السلاح يعني اللجوء إلى العنف الثوري، وعلى كل حال كانت فترة صعبة في حياتي، وقضيت فترة ليست قصيرة في الأنصار، ولكنني لست نادما، بل فخور جدا، لأنني ساهمت بقسط يسير دفاعا عن الشعب والوطن، دفاعا عن الكوردايه تي والمباديء الشيوعية.






ج7

كنت أقرأ أكثرية الصحف اليومية ومنها: إتحاد الشعب (جريدة حزبنا)، صوت الأحرار
وزعت حياتي بين العمل الحزبي والسجون، وأعتقلت مرات عديدة، وكانت أيامي كلها تجارب
التحقت بقوات البيشمه ركة الأنصار لحزبنا الشيوعي العراقي، وبذلك وضعت حدا لحالة الإختفاء.



س7 :لا تنفصل رغبة السياسي المثقف والمتنوى بنثاقات واداب الشعوب الاخرى كي يكون على بينة من احوال المذاهب الفكرية ، كيف كانت بدايات قصة تعرفك على تلك الادبيات والثقافات للشعوب الصديقة الاخرى. ناهيك عن الكتب السياسية والمطبوعات الحزبية العالمية، حتما ستتذكر اليوم وفي هذا العمر قصتك مع المطالعة المبكرة وتلذذك بقراءة الشعر باللغات التي تتقنها؟

كنت في الصف الثالث الابتدائي في قرية كوره شله عندما حصلت على كتب بواسطة صديقي هادي ملا خوانظر، وهي الكتب الصادرة من المكتبة العصرية دار الترقي في كركوك لصاحبها محمد امين إن لم تخني ذاكرتي، ككتاب الأحمدي (كوردي – عربي)، وكتب باللغة الكوردية مثل: يوسف و زليخا، شيرين وفرهاد، روستم زال وغيرها، وأصبحت القراءة إحدى هواياتي المفضلة، وفي النفطخانة حصلت على كراس: الشيوعية كفر وإلحاد باللغة العربية (وهو من نشريات شركات النفط الإستعمارية) وكانت طباعته جيدة، فبدأت بقرائته عدة مرات دون أن أفهم شيئا، وفي المتوسطة والإعدادية علمت بأن الكراس الذي قرأته قبل سنوات عبارة عن أكاذيب ملّفقة ضد الفكر الشيوعي، وفي خانقين زاد شغفي للقراءة، وخاصة بعد ثورة 14 تموز 1958 وصداقتي مع الأخ إبراهيم محمد أمين باجلاني الذي لم ينقطع يوما عن القراءة، وأتفقنا على إصدار نشرة جدارية باسم هازه (الخرير)، وكان المدرس أستاذ اللغة العربية (حبيب الحسني) شاعرا وأديبا يشجعنا ويساعدنا، وبالمناسبة (في العام الماضي وبعد أكثر من (25) سنة التقيت بالأستاذ إبراهيم محمد أمين) في العاصمة أربيل.
كنت أقرأ أكثرية الصحف اليومية ومنها: إتحاد الشعب (جريدة حزبنا)، صوت الأحرار، البلاد، اليقظة، الإنسانية، خه بات (جريدة حدك)، صوت الأكراد، وحتى الجرائد الصفراء والعدوة كـ"" الثورة والفجر الجديد ومجلة الوادي""، مع المجلات التقدمية كالطليعة والكاتب والمثقف.
أما عن الكتب فكانت البداية مع كتب أسميها، كتب فترة المراهقة، وهي كتب إحسان عبدالقدوس: لا أنام، أنا حرة وغيرها، ثم جاءت كتب العمالقة: مصطفى لطفي المنفلوطي، ميخائيل نعيمة، سلامة موسى، نجيب محفوظ، حافظ إبراهيم، أحمد شوقي، معروف الرصافي، جميل صدقي الزهاوي، جورج حنا، غائب طعمة فرمان، نازك الملائكة، سعدي يوسف، ملا قادر كويى، نزار قباني، واعجبت بشعراء الجاهلية، شعراء المعلقات، وأما عن الكتب المترجمة للعربية والكوردية قرأت لـ : جي دي موباسان، فيكتور هيجو، جان بول سارتر، جورج أمادو، مارك توين، شكسبير، سومرست موم، كارثيا لوركا، ارنست همنكواي (وداعا للسلاح، العجوز والبحر)، جون شتاينبك (عناقيد الغضب)، هيرمان ملفل (موفي ديك)، هاريت ستوي (كوخ العم توم)، شارلنز ديكنز (قصة مدينتين ، اوليفر تويست)، الكسندر بوشكين، فيودوردوستوفيسكي (الجريمة والعقاب، الأخوة كارامازوف)، مكسيم كوركي (الأم)، ميخائيل شولوخوف (الدون الهاديء)، ليو تولوستوي (الحرب والسلام، آنا كارنينا)، بوريس باسترناك (دكتور جيفاكو) ، نيكولاي استروفسكي (كيف سقينا الفولاذ؟)، نيكولاي كوكول (تاراس بولبا)، جنكيز إيتماتوف (ويطول اليوم أكثر من قرن)، آنا أخماتوفا (السرب الأبيض)، ميخائيل ليرمنتوف (بطل من هذا الزمان).
وباللغة الكوردية قرأت للأدباء والشعراء: إبراهيم احمد، كوران، نالي، محوي، هيمن، احمد دلزار، لطيف هه لمه ت، حمه سعيد حسن، رفيق صابر، شيركو بيكه س، محمد موكري، رؤوف بيكه رد، محمد رشيد فتاح، هه زار، والكتب المترجمة، وباللغة الفارسية قرأت لـ: علي اشرف درويشيان، منصور ياقوتي، حافظ الشيرازي، سعدي الشيرازي، نسيم خاكسار، أنطون جيخوف، مع كتب التاريخ والجغرافيا والكتب الفلسفية والسياسية والماركسية وفي الطليعة منها مختارات لينين.

س 8 : كل سياسي واديب وفنان يعبر بتجارب مريرة وخصبة .واذا ما اخلد يوما وكما يطلق على تلك الاستراحة باستراحة المحارب ، هل يطرأ على رجب مثل تلك الفكرة .فكرة تدوين يومياته النضالية في كتاب او كراس كي تكون شهادة له وشاهدا على نضال معاصريه الذين سطروا الملاحم وسجلوا مواقف بطولية في محاربتهم لفكار قوى الترهيب ؟

نعم، كانت الحياة صعبة، وكانت التجارب كثيرة ومريرة، ومنذ صغري وأنا تلميذ في الصف الثاني والثالث الأبتدائي وقفت ضد المشيخة وكل شيء يمت بصلة مع الإستغلال والإقطاع، والأفكار البالية، والإعتقادات السخيفة، والعادات الشاذة في مجتمعنا، ويمكن القول تعلمت تحدي أولئك بالفطرة، وكانت أقسى تجربة أمّر بها، أو أفتعلها هي ضرب ابن الشيخ بدون سبب، وشعرت بأنهم (الشيخ ومريديه) أهانوا والدي الذي عمل كادحا من أجلي وأخوتي، وأنه تحّمل هذه المرة الإهانة من أجلنا، تصوروا أن والدي لم يقبل إهانة أرباب جلالة الملكة.
لم ألتزم بأوامر الشرطي عزت آمر مخفر قرية كوره شله عندما طلب مني الصعود مع دابة تحمل له ولجماعته برميلين صغيرين من الماء، وأمام شباب وشياب القرية أراد إهانتي، ولكني لم أقبل الإهانة، ولم أمتثل لأوامره شعورا منّي بالكرامة والكبرياء، وأراد أن يلّفق كذبة ضدي وإتهامي بالشيوعية، وأنا طفل، لا أعرف شيئا عن الشيوعية، وهذا الشعور كان كافيا أن أحمل الغيظ على الشرطة ودوائر الأمن والإستخبارات.
مجموعة من المراهقين عديمة الأخلاق تربّعت على جهاز من أجهزة البعث باسم الطلبة في 1963 كانت سببا لترك مدينتي لأتحمل مشاقا إضافيا، وفي بغداد دخلت الصف في ثانوية الشعب وتفاجأت عندما رأيت شرطي الأمن شاكر محمود طهماز الذي كان زميلي يوما ما في بانه بوره، وهذا الشرطي رحّب بي وهو يسأل: لماذا أنت هنا؟ لماذا تركت خانقين؟ كيف تعيش؟ ومع من؟، لكن بيانا للحقيقة لم يعمل شاكر ضدي.
يجد المرء عملا لكي يعيش، ولكني وجدت عملا عند فلسطيني كذّاب ودجّال يدعى (أبو محمد) يملك مكتب مقاولات وتجارة عامة، ومكتبه في بناية علي في شارع الجمهورية بالقرب من ساحة الخلاني، أرسلني مرة إلى بنك الرافدين في شارع السمؤال مع شيك بمبلغ لا أتذكره، وعند دخولي البنك توجهت إلى أحد الموظفين، وأشار بيده إلى موظف آخر، وسلمته الشيك، فأخذ الموظف يمعن النظر بالشيك تارة، وينظر إليّ تارة أخرى، وأخيرا سألني عن هويتي، وأعتذرت له وقلت بأني نسيتها في البيت، وسكت، وذهب بعيدا إلى موظف في غرفة زجاجية، وتحدث معه وعاد وهو يقول: استريح!!.
حضر شرطيان إلى المكان وأشار الموظف إليّ وهو يقول: هذا هو، فتقدم شرطي من الشرطيين وطلب مني الذهاب معهما، وعند الباب رأيت سيارة شرطة واقفة، وقال الشرطي أركب أخي. قلت إلى أين؟. قال: إلى معاونية شرطة العبخانه. فكرت مع نفسي وقلت قبل يومين حاول شرطي أمن إعتقالي، ولكني هربت بعد أن (فلتت من ايده)، وصلنا العبخانة، وصاح عليّ معاون شرطة قائلا: سيد ما عندك رصيد وجاي تآخذ فلوس بلاش!!، (هيته، خو مو هيته)!!.
ضحكت لأن المسألة تتعلق بصاحب العمل (مو قصة شرطي الأمن) وقلت له: أخي أنا عامل عند واحد فلسطيني، آنا ما عندي فلوس بالبنك، وأعطيت عنوان الفلسطيني الدجال (أبو محمد) ورجعت مع الشرطيين إلى بناية علي، وهناك أخذوا أبو محمد. في اليوم التالي قلت له، أقصد الفلسطيني: جيب حسابي وفي أمان الله. أراد المراوغة كما يفعلها مع عبدالزهرة العمارتلي الذي يطلبه.
قلت له: أنا كوردي، هارب من الخدمة، هارب من وجه العدالة، مختفي، لا يهمني من تكون أنت، أريد حسابي الآن، ومن دون مراوغة، المهم إنتزعت منه المبلغ الذي بذمته.
وزعت حياتي بين العمل الحزبي والسجون، وأعتقلت مرات عديدة، وكانت أيامي كلها تجارب، ولكن التجارب لا تفيد مع الحكام الدكتاتوريين، لا تفيد مع اللصوص، لا تفيد مع ناس لا يحترمون ماضيهم، وإذا كان الحال على هذه الوتيرة، فهل توجد إستراحة لكي نسميها إستراحة المحارب.
في الحقيقة لا أريد تدوين يومياتي، فالعديد ممن أعرفهم كتبوا الكثير عن ماضيهم، عن بطولاتهم، وهم لا يشيرون إلى الحقائق، وأستميحهم عذرا إذا قلت إنّهم يكذبون كأي دجال ومنافق، حتى الأمس كانوا شيوعيين وراضين عن سياسة الحزب، واليوم قسم كبير منهم يزعمون بأنهم شيوعيون، ولكن عندما يأتي أسم الحزب يلجأون إلى الدرك الأسفل ويرمون بكل نفاياتهم وما في جعبتهم من وساخات إلى سلة الحزب، ويعتبرون الكل من القاعدة إلى القيادة لا شيء، وكلهم مخطئون ويعتبرون أنفسهم أبطالا وأصحاب مواقف (الآن) ولكن عندما كانوا في الحزب وجوها ومسؤولين وقيادة لم يحركوا ساكنا، لم يفتح أحدهم فمه، لم ينتقد واحد منهم الحزب، القيادة، اليوم ينتقدون الحزب قيادة وقواعد. لذا لا أريد أن أكون دجالا مثلهم، كذابا من نمطهم، ولكي لا أنسى عليّ أن أقول بأن القليل من الرفاق كانوا واقعيين في كتاباتهم.

س9: بعض من الاقلام المعروفة والوجوه السياسية، سيرهم الذاتية تكاد تكون محصورة في ازمنة وعرض مآثر شخصيات معينة ، فيراه ذلك السياسي انها فترات حيوية ومهمة تؤرخ حدثا سياسياً ومن ثم تتحول الى أرشيف وطني للجيل القادم . ماذا تتذكر عن أيام اختفائك في المدن العراقية ، وكيف اتخذت قرار سفرك الصعب للنضال والقتال في جبال كوردستان الى جانب رفاق فكرك من الانصار القادمين من عمق المدن العراقية الاخرى لرسم مستقبل العراق الديمقراطي، وكيف تنبئتم مبكراً بسقوط النظام الفاشي بالانتفاضة الشعبية؟

في البداية عليّ أن أشير على ترك مدينتي مكرها ومضطرا لكي لا أقع بيد زمرة الإتحاد "الوطني" وزبانية الحرس "القومي"، من هنا بدأت تباشير حياة جديدة، والإعتماد كليا على النفس، وكانت الظروف السياسية قاسية للغاية، إذ أنّ تنظيمات الحزب تفككت بسبب الهجمة الشرسة من قبل مصاصي دماء العراقيين في مؤامرتهم القذرة ضد ثورة 14 تموز، وللتذكير فقط أشير إلى بيان الحاكم العسكري رشيد مصلح التكريتي المرقم 13 والقاضي بإبادة الشيوعيين، في تلك الظروف العصيبة جئت إلى بغداد، وعشت فترة من الزمن عند الأقرباء، وكنت أخاف عليهم، لأنّ إيواء شيوعي جريمة كبرى عند البعثيين الهمج، لذا أقدمت على إيجار غرفة في محلة إمام طه – قمبر علي، وكنت أذهب فجرا إلى المسطر في ساحة الطيران لعلي أجد عملا، وعند لقائي مع صديقي المقاول سعيد الذي أشرت إليه سابقا، إنحّلت عقدة العمل، والمصيبة كما أشرت سجلت في ثانوية الشعب المسائية في باب الشيخ، وعند دخول الصف تفاجأت بوجود شرطي الأمن شاكر محمود طهماز، وهو من مدينتي وأنا معروف عنده، وسألني عدة أسئلة، وجاوبته بكل صراحة، ولكن للتاريخ أقول أن شاكر لم يفعل شيئا ضدي، وفي الأيام الأولى كنت حذرا جدا منه.
في 18 تشرين الثاني 1963 إستطاع القومي العروبي عبدالسلام عارف المحسوب على التيار القومي القيام بإنقلاب ضد حلفائه البعثيين وإقصائهم من الحكم بمؤازرة وتعاون عسكريين عروبيين، ونجح الإنقلاب منذ الساعات الأولى لأن الجماهير العراقية أرادت التخلص من البعثيين والحرس القومي، وفتح الإنقلاب صفحة جديدة في حياة العراقيين، وقلّت الملاحقات البوليسية بحق الوطنيين بادىء الأمر، وأطلق سراح قسم من الموقوفين السياسيين، وإعادة قسم من المفصولين إلى وظائفهم وأعمالهم، وقد إستغليت الأوضاع الجديدة وعدت إلى دربندخان، إلا أن قومي آخر هو المقدم كمال احمد الراوي إستطاع من تدبير فخ لي، وإعتقالي في 7/8/1965 وقضاء أكثر من سنة في السجن، وإنتظار قرار المحكمة العسكرية التي تحكم عادة بالإعدام بسبب أو بدون سبب، وقضيتي عندها من العيار الثقيل، وشاءت الأقدار عدم تقديمي إلى المحكمة، وإطلاق سراحي في بيان اللامركزي لحكومة عبدالرحمن البزاز.
عدت إلى بغداد، وبعد إنشقاق عزيز الحاج توجهت إلى الكوفة، لأقضي سنوات عمري في الإختفاء العلني، نسبة إلى إختفائي وأنا أعمل علنا في مشروع ماء النجف، وكانت حكومة عبدالرحمن عارف ضعيفة، وعندما عاد البعثيون كانوا أضعف، وبعد سنة أو سنتين كشروا عن أنيابهم، وعادوا للملاحقات والإعتقالات والإنتقام من خصومهم، وفي خضم مفاوضات بين حزبنا والبعث حول "الجبهة" اعتقلت لساعات، على أن أترك مدينة الكوفة عنوة، والذهاب إلى كربلاء، وبقيت هناك إلى قبل إعلان بيان 11 آذار بأشهر، حيث عدت إلى كوردستان.
في 1971 إعتقلت بينما كنت مختفيا، وبعد أشهرأطلق سراحي في العفو العام الذي سبق قيام الجبهة ""الوطنية التقدمية"" بين حزبنا الشيوعي وحزب البعث، وبعد بيان الجزائر المشؤوم 1975 الذي وقعه المقبوران شاه إيران محمد بهلوي، وصدام حسين بإشراف ومساعدة المقبور هواري بومدين رئيس الجزائر، رشّحني الحزب لخوض الإنتخابات العمالية في محافظة السليمانية،وتمّ إعتقالي من قبل أمن السليمانية، وأرسلت مخفورا إلى المنظومة الشمالية في كركوك، وكانت التهمة الموجهة لي من قبل رئيس المحكمة المدعو مصلح جلالي هي انني من عناصر الباراستن (جهاز الأمن) عند حدك سابقا، وكان هذا الجلالي شيوعيا قبل أن يسقط ويصبح عميلا للمخابرات البعثية، وبعد أن إنتهت الإنتخابات تمّ إطلاق سراحي.
أصدر الإسطبل البعثي المسمّى ""مجلس قيادة الثورة"" نقلي إلى العمارة، تمهيدا لإعتقالي بسهولة فيما بعد، إلا اني رجعت إلى السليمانية، واشتريت التجهيزات اللازمة، وعبرت السيطرات الحكومية تاركا عائلتي (زوجتي وخمسة أطفال) والتحقت بقوات البيشمه ركة الأنصار لحزبنا الشيوعي العراقي، وبذلك وضعت حدا لحالة الإختفاء.



ج8

السويد دولة غربية، رأسمالية، تحترم الإنسان، تعمل ليل نهار من أجل رفاهية الشعب، تعرف قيمة الفرد، ديموقراطية أكثر من كل الدول، تطبق القانون .
أثبتت الأيام بأنّ الحزب الشيوعي العراقي هو حزب المهمات الصعبة وتاريخ العراق خير شاهد.
أمّا عن الوجوه الشابة، فالإنتخابات الحزبية هي التي تفرزهم.

س10 : في المنفى والشتات يمر الإنسان السياسي والإجتماعي يمر بفترات قاسية ليندمج في المجتمع الجديد، بعد دراسته لجميع مفرات الحياة الجديدة، بدءا من تعامله المرن مع جيرانه ومحافظته الشدية على نظافو البيئة، واحترامه لحقوق الجميع، وعدم اضطهاده لحقوق وحريات الكائنات الاخرى التي تتمتع بحرية العيش في تلك البيئة، كيف تأقلم المقاتل والسياسي القادم احمد رجب بجرحه الوطني وآلامه الغائرة في خلايا جسمه المنهمك، حبذا لو تعطينا نبذة يسيرة عن بدايات تلك الغربة نبذة من لحظة دخول منفذ الدولة الجديد وكيفية اندماجك مع الوجوه الجديدة وبعد تجارب السنين ملاحظاتك الصريجة ماذا اضافة لك السويد وماذا فقدت في ظل شيخوختها الزاحفة عاما بعد عام، من آمال وطموح وأمنيات لم تتحقق .

دخلت السويد آتيا من أعظم وأكبر دولة إشتراكية، إلا وهي الإتحاد السوفيتي، هذه الدولة التي جاءت على أنقاض الحكم القيصري في ثورة اكتوبر العظمى 1917، ومنذ ذلك التاريخ ولمدة أكثر من 70 سنة سمع العالم وقرأ ورأى بأن هذه الدولة تبني الإشتراكية، وبعد هذا الوقت إنهارت الدولة وقيل عنها بأن القائمين على إدارة الدولة كانوا فاشلين، أيا للجهلة، مساكين سرقوا قوت الشعب، خلقوا بيروقراطيات من طراز خاص.
السويد دولة غربية، رأسمالية، تحترم الإنسان، تعمل ليل نهار من أجل رفاهية الشعب، تعرف قيمة الفرد، ديموقراطية أكثر من كل الدول، تطبق القانون، ترى الجميع بعين واحدة، الملك، رئيس الوزراء، الوزراء، أبناء الشعب، الجميع يؤدي واجبه، الكل يعيش، لا أحد يموت من الجوع.السويد بحق وطن الإشتراكية.
عندما دخلت السويد عشت وحيدا، لم أعرف شيئا عن البلد، العزلة قاتلة، لا أصدقاء، لا معارف، لا تتكلم لغة مواطنيه،لا تعرف عاداتهم، الإندماج صعب.
تدخل مجانا وأنت شيخ مسن، أو أقل عمرا، شباب مدارس متخصصة لتعليم اللغة السويدية، إذا كنت على بعد أكثر من 1800 متر يدفعون لك أجرة بطاقة شهرية للسييارات العامة (الباص)، يدفعون أجرة دار السكن بحدود 500 دولار أو أكثر، يدفعون راتب شهري بحدود 400-500 دولار للعيش، يوفرون لك الماء والكهرباء، كل هذه المصروفات وأنت لا تعمل.
يوفرون لك مترجم في كل زيارة، للبلدية، للمستشفى، لدوائر الضمان والضريبة والشرطة وغيرها، وتتعلم السويدية، ثم تصبح مواطنا سويديا، ويعطوك الهوية كالسويديين، يعطوك الباسبورت (الجواز) مثل ما يعطى للسويديين، تسافر، تعود، يكون الإندماج سهلا.
لك الحق تبديل الموظف، الطبيب بآخر إن لم تكن راضيا منهم، يدفعون أجور الأدوية، أحسن الأدوية، تدفع كل شيء وفق وصل.
بعد 15 سنة من فراق عائلتي، التقينا هنا في السويد، 15 سنة عملت زوجتي خياطة كي تعيش بشرف مع أبنائها وبناتها، وفرت عيش (6) أشخاص بمساعدة الأهل والأقارب، ماذا يعني لقاء عائلة بعد فراق 15 سنة في السويد؟؟ رأيتهم (أقصد السويديين) يبكون عندما شاهدوا مشاهد اللقاء، ناس تطردهم حكومة بلادهم، وهنا تستقبلهم دولة أخرى معززين ومكرمين.

كل شيء سلس، الناس، الحياة، المرض، هنا في السويد أعيش مع (3) أمراض مزمنة، الطبيب يحترمك، الاطباء يحترمونك، أملك لكل مرض مزمن طبيب مختص (إستشاري)، ولديّ طبيب متابع، 3+1= 4....،نعم (4) أطباء يخدمون مريض واحد، الأدوية متوفرة، أحسن الأدوية، عندما يكتب لك الطبيب الأدوية، تستطيع إستلامها في كل مكان من السويد، في كل المدن، في كل الصيدليات، لا توجد ألاعيب وحيل، لا بالدواء، ولا بالأسعار، والدولة بدوائرها المختصة تدفع الفاتورة إذا تجاوز المرء الحد المعين لشراء الأدوية، أو أجور الطبيب، السويد بلد الصحة، وهي الأولى بالإشتراكية.
مملكة السويد تدفع الانسان أن يشعر بإنسانيته أكثر فأكثر، عندنا منطقة (محلة) اسمها نيفوش، وفيها قوميات من (55) بلد، هذا الرقم غير مبالغ فيه، والسويد توفر مترجم لـ (55) لغة.. معادلة قد لا يصدقها البعض، ولكنها صحيحة، الدولة توفر خدمات جليلة للناس، وواحدة منها الإنترنيت في كل مكان، ساحات كرة القدم في كل مكان، وفي هذه المدينة الصغيرة التي اسكنها اكثر من (100) ساحة للعب، بالإضافة إلى ساحات للطائرة والسلة ورفع الأثقال، والمصارعة، والكاراتيه بأنواعها المختلفة والمسابح.
في المدينة مسرحين صغير وكبير، متاحف، مكتبات، والمكتبة العامة فيها كتب الأدب: القصة، الرواية، الشعر وكتب علمية ورياضية وترفيهية بعدة لغات، ومن ضمنها اللغة الكوردية والعربية، في السويد تختفي الأمراض والأحقاد والشيخوخة، ويأتي دور بناء الإنسان والحياة والوئام وراحة البال.

أن الآمال والأمنيات تتحقق هنا في السويد، ولا يسعني أن أقول أسفا أمنياتنا في وطننا تتلاشى ولا تتحقق، هنا في السويد الإنسان المناسب، كل شيء مناسب في المكان المناسب، ولكن عندنا بالعكس، الإنسان غير المناسب وغير المرغوب يتبوأ المكان الذي لا يناسبه، في بلادي العمل محتكر، الوظيفة محتكرة للشخص الشاذ، للسارق، للفاسد، للجحوش الذين قاتلهم الكورد في سبيل التحرر والإنعتاق.

س 11 : كلمات بإنتظار التوضيح، بمنتهى الصراحة والبساطة الحزب الشيوعي العراقي كمبادىء، وشعارات، كانت لفترة طويلة طفرة مهمة في حياة المجتمع العراقي من يوم تأسيسه، واليوم يعد من الاحزاب المعمرة، قياسا الاحزاب العراقية الاخرى الموجودة في الساحة السياسية، حزي لم يحظ بكعكة الحكم بل ذاق مرارة ضربات السلطة الفاشية من خلال ترويض الحزب واعوانه بقيده ولو لحين ببعض التحالفات الفاشية الشيطانية وتحييده عن مناصريه في فترة الجبهة كتكتيك مرحلي لكشف خلايا ومرافق أعوان الحزب في الدولة، وخصوصا في القوات المسلحة. فما هو تعليقك حول تلك السطور.؟.

أثبتت الأيام بأنّ الحزب الشيوعي العراقي هو حزب المهمات الصعبة وتاريخ العراق خير شاهد، فمنذ تأسيسه يدافع عن حقوق العمال والفلاحين وسائر الكادحين، وعن مكونات الشعب العراقي بجميع أطيافه وأديانه ومذاهبه، وأن الشيوعيين العراقيين عملوا ويعملون بإخلاص ويسعون في أحلك الظروف لمواجهة المصاعب بحزم، ولا يدعون ظروف الإنكسارات الطارئة توهن من عزائمهم، وتدفع بهم إلى اليأس والإحباط، وهم يناضلون بإستمرار وبروح ثورية للخروج من الأزمات التي تواجههم، ويحدوهم الشعور العالي بالمسؤولية إزاء حزبهم وطبقتهم وشعبهم، إزاء الأهداف النبيلة التي نذروا أنفسهم لها، وضحّوا بدمائهم من أجل تحقيقها.
لم يستطع أعداء الحزب من الرجعيين والدكتاتوريين والفاشيين يوما ما ترويض الحزب رغم الهجمات الشرسة، وأن حزبنا قد تعّرض في العهد الملكي والعهد القاسمي والعهد البعثي القوموي العروبي دون إستثناء إلى درجات متفاوتة من التضيق والملاحقة البوليسية، والإعتقالات والإعدامات منذ عام 1937، وفي فترات معينة إشتّد الإرهاب ليصل حد الهجوم الضاري والحملات الوحشية المنظمة الواسعة كما حدث في عام 1949 و1952 و1954- 1956، وكما حدث في ردة عام 1963 بعد المؤامرة البعثية القذرة، وكما جرى منذ 1979 وإلى السنوات اللاحقة، فكانت الأنظمة الدموية تنصب المشانق، وتدفع بالألوف إلى أقبية دوائر الأمن وزنزانات التعذيب، وقد إعتاد مناضلو الحزب وأصدقاؤه هذا اللون من الملاحقة البوليسية والأعمال الإجرامية، وأعدوا أنفسهم لها، كما كيّف الحزب وتنظيماته عمله لمثل هذه الظروف وجمع بين العمل العلني والسري، وبالنسبة للشعب عمّقت لديه الإحساس بضرورة الديموقراطية ونمت لديه تقاليد إحترام وإحتضان المناضلين وتذليل الصعاب أمامهم.
أن الحملات الإرهابية ضد حزبنا التي كان من أهم أهدافها تحجيمه وتقليص دوره في الحياة السياسية، وكانت هذه الحملات تنشط وتتوسع حسب الظروف السياسية، وفي أعقاب بيان 11 آذار 1970 توقفت بفضل صمود الحزب وحملة الفضح الواسعة، التي قام بها عربيا وعالميا، والتضامن الأممي وإشتداد التناقضات بين السلطة والحركة القومية الكوردية، والعزلة على الصعيد العربي، بفعل التوتر الذي كان يسود علاقات الحكم بالبلدان العربية، وتخليه عن نجدة الفلسطينيين في أيول الأسود عام 1970، وقد حملت هذه العوامل وغيرها الحكم على طلب الحوار مع حزبنا في خريف عام 1971.
لم يكن حزب البعث في العراق حزبا متجانسا، فقد كان دائما تجمعا من شتى فئات البرجوازية الصغيرة على إختلاف ميولها وأتجاهاتها، ويضم في صفوفه عناصر من البرجوازية الوسطى وبقايا الإقطاعيين، وقد طغت على أيديولوجيته روح العداء للشيوعية، وكان بعد ثورة 14 تموز 1958 وفي مؤامرة 8 شباط 1963 رأس الحربة الموجهة ضد الحركة الديموقراطية في العراق وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي.
وأمّا عن الكعكة، أعتقد انّها باتت مرّة للشعب العراقي، فالإنتخابات جرت كما تعلمون في 7/3/2010 ولكن لحد الآن يعيش العراق بلا حكومة، فالقوى الكبيرة فازت في الإنتخابات، ولكنها عاجزة عن تشكيل الحكومة، الكعكة أصبحت علقما، وأكلها ليس سهلا، فالزيارات المكوكية من قبل القوى الإسلامية والبعثيين وكل اللاهفين للسلطة وكرسي الحكم لدول الجوار مستمرة، وكل دولة تريد {{نصب}} الذليل الذي يستطيع أن يخدم مصالحها، وبعض دول الجوار تتدخل بدون خجل، وتصرف بلا رقيب، وتسرق النفط وخيرات العراق علناّ، وكلنا نعلم أن حكام السعودية الرجعيين إستقبلوا البعثي في كل العهود أياد علاوي بحفاوة، وقدمّوا له أموالا طائلة، وسخّروا نفوذهم من أجل فوزه، وفعل حكام إيران مثلهم من أجل فوز الذين ينتهجون أفكارهم ويسيرون في فلكهم، تصوّروا أن سوريا الدكتاتورية التي أصبحت عاصمتها مرتعا للإرهاب تستقبل بين آونة وأخرى البعثيين والمنبوذين من قبل الشعب العراقي، وفي آخر زيارة لأياد علاوي إلى سوريا إشترك أحمد أوغلو وزير خارجية النظام الدكتاتوري في المباحثات بحضور بشار قرداحة، ولكن هل سأل أحد لماذا هذا الطوراني أحمد أوغلو يشترك في مباحثات بشار وأياد؟ كل شيئ واضح، يريدون عراقا يلبي إملاءاتهم.
ومن المشاكل الأخرى التي واجهتها قوى اليسار وبالأخص الحزب الشيوعي العراقي عدم إفساح المجال لأبناء الشعب من إختيار ممثليهم ناهيك عن التهديد والوعيد للذين يصّوتون لهم، أو التلاعب والتزوير السري والعلني لمن بيده مفاتيح الحكومة والجيش والشرطة، وعدم المشاركة في الدعاية والإعلانات كالقوى الأخرى لضعف القدرة المالية.
أمّا إنتقاد البعض لقيادة الحزب الشيوعي العراقي وعدم جدارتها لقيادة العمل الحزبي للوصول إلى المستوى المطلوب، وضرورة الإستقالة وفسح المجال للوجوه القيادية الشابة، فمثل هذه الإنتقادات لقيادة الحزب ليست جديدة، ويلجأ إليها أعداء الحزب والمنهارين والمخربين سعيا منهم لضرب وحدة الحزب من جانب، ووحدة الكفاح الوطني من جانب آخر، فهم يركّزون النار وفبركة وترويج الإفتراءات على عدد من قادة الحزب وكوادره ومحاولة تشويه مواقفهم وتاريخهم النضالي، وهم يسعون لإضعاف ثقة قاعدة الحزب بقيادته، ويزعمون بوجود هوة سحيقة بينهما، وخلق فجوة وتصديع وحدة الحزب.
أمّا عن الوجوه الشابة، فالإنتخابات الحزبية هي التي تفرزهم، وتدفع بهم للواجهة أي قيادة الحزب، وسبق لي وان شاركت كمندوب في المؤتمر الثامن للحزب الذي إنعقد في بغداد في العاشر من آيار 2007، وفي المؤتمر مارس المندوبون حقّهم في الترشح والإنتخاب للقيادة دون أي تدخل أو ضغوطات في ظل رقابة حزبية ضمت (36) مراقبا، وعند فرز الأصوات أصبح عدد من الوجوه الشابة أعضاء في لجنة الحزب المركزية، وبهذا أثبت الشيوعيون بأن الحملات المشبوهة تجد مكانها الملائم في مزبلة التاريخ.



ج9

هذه الفكرة متجذرة عند البعثيين لأنهم أصحاب تاريخ اسود في السابق، و"عروسة ثوراتهم" كما يحلو لهم تسميتها في 8 شباط الأسود 1963 شاهدة على جرائمهم.
قرأت كتبا كثيرة مهمة وغير مهمة، قرأت هذه الكتب، المهمة لأهميتها، والغير مهمة لأعرف محتواها ومكنوناتها.
لينين معلم البشرية التقدمية، وقائد ثورة أكتوبر العظمى، وهو خالد إلى الأبد.

محطات تاريخية من دفاتر يومياتك نود التوقف عليها :

المحطة الأولى :

لا يخفى على كل وطني منصف الحزب الشيوعي أول حزب رفع شعار منح حقوق القوميات العراقية الاخرى، وبالاخص القومية الكوردية. وبعد تحالف الحزب مع البعث في جبهو كاذبة الهدف المخفي كان ضرب القوى التقدمية التي تتقاطع مع مبادئها مع عسكرتارية فكر الازاحة لكل مطلب قومي وجماهيري ، في ظل تلك الجبهة الكارتونية مع البعث. اصبح مصير الحركة الكوردية التحررية في 74 على شفا حرب مصيرية مع ذلك النظام المتنصل من تطبيق بيان اذار. كيف قرأت آنذاك موقف القيادات الشيوعية في تاييد تلك الحركة مع تدوين ملاحظتك الجريئة للتاريخ ؟.

لا يخفى على احد بأن الكورد كانوا دائما في مقدمة النضال من اجل حرية الشعب وإستقلاله، وتبعا لذلك دفعوا ثمنا باهظا كأي طليعة أخرى، فلقد خاضوا سلسلة من الثورات والانتفاضات وعانوا كثيرا من القمع والإضطهاد، وكان هذا النضال يحظى دائما بعطف القوى الديموقراطية في العراق وفي مقدمتها الشيوعيون الذين كانوا اول قوة سياسية تعترف بحق الكورد في تقرير المصير في الأربعينيات من القرن الماضي.
لم يكن هدف تحالف الحزب الشيوعي العراقي مع حزب البعث في الجبهة ضرب القوى الوطنية والتقدمية، وقد تكون هذه الفكرة متجذرة عند البعثيين لأنهم أصحاب تاريخ اسود في السابق، و"عروسة ثوراتهم" كما يحلو لهم تسميتها في 8 شباط الأسود 1963 شاهدة على جرائمهم.
أثارت مبادرات حزبناالشيوعي العراقي وسياسته بالوقوف ضد الإقطاع والإمبريالية مخاوف اوساط عديدة وقوى رجعية ووطنية في آن واحد، إذ بدأت هذه الأوساط تعمل بمختلف الأساليب لعرقلة تبلور الوضع لصالح القوى الديموقراطية والوطنية، كما بدأت بالضغط على سلطة البعث، وبالعمل على إشاعة التوتر بين أطراف الحركة الوطنية،ودفع السلطة إلى تشديد ضرباتها للحزب الشيوعي العراقي وإبعاده عن القوى القومية الكوردية.
وأزدادت هذه المساعي المحمومة، التي إلتقت مع النزعات الشوفينية لدى حزب البعث خاصة بعد إعلان بيان 11 آذار 1970 لأن حل المسألة الكوردية حلا سلميا ديموقراطيا هو بالأساس كان شعار حزبنا.
ولذا جرت مجابهة الحزب وجماهيره بالحديد والنار، وجرت تصفية وإعتقال العديد من كوادره وأنصاره من قبل السلطة، وتغاضى عن ذلك بعض قادة الحركة الكوردية الذين لم يستفيدوا من التجربة التاريخية التي أثبتت أن الحقوق القومية للشعب الكوردي لم ولن يجري تحقيقها بمعزل عن الطبقة العاملة والحزب، وفي هذه الفترة بدا الحديث عن تقسيم الأدوار بين "الحزبين الرئيسيين"للعرب والكورد، أي حزب البعث والحزب الديموقراطي الكوردستاني، وكان الهدف واضحا أن لا يتصّدر الحزب الشيوعي العراقي نضال الجماهير من أجل: الحكم الذاتي لكوردستان والديموقراطية للعراق فقط، وإنّما عزله عنها.
وكان حزبنا منذ البداية لتأسيس الجبهة يقّدر الأهمية الكبيرة لإنضمام (حدك) إلى الجبهة بما يمثله من ثقل سياسي وعسكري في ذلك الوقت، ومن هذا المنطلق بذل جهودا كبيرة لإقناع (حدك) بالإنضمام للجبهة، بأمل زيادة وزن القوى الديموقراطية داخليا لصالح النضال من أجل الحقوق والحريات الديموقراطية، وإنهاء فترة الإنتقال وإقامة الأوضاع الدستورية، وتحقيق الحكم الذاتي، وتشريع قانون له وإقامة مؤسساته التشريعية والتنفيذية على أسس ديموقراطية.
غير أن (حدك) وقف موقفا سلبيا، وعكسته توجيهاته الداخلية، من العديد من الخطوات التقدمية، كما وقف سلبيا من المساهمة في الحوار بشأن الجبهة، جراء رفضه إشتراك حزبنا فيها، وأصّر حصره بين {"الحزبين الرئيسيين" ممثلي القوميتين الرئيسيتين}، وأتّخذ مواقف مناهضة لحزبنا، وقام بملاحقة رفاقنا في مناطق نفوذه.
وقد توّصل الحزب في تقييم سياسته بأنّ قيام الجبهة كان بإتفاق فوقي لم يستند أو يعزز بقاعدة متينه من التلاحم النضالي المشترك، وأنّ صيغة الميثاق الوطني كانت تعكس توازن القوى السياسية في تلك الفترة، الذي مال إلى جانب حزب البعث بسبب وجوده في السلطة وقيامه بخطوات تقدمية، رغم بقاء صفته الثابته في معاداة الديموقراطية وخوفه من تنامي نفوذ الحزب الشيوعي العراقي.


المحطة الثانية :

كتب مهمة من مذكرات وفلسفة، وادبيات، تاريخ نضال الشعوب المضطهدة التي ثرت في ذائقتك الادبية، سير وتجارب بعض الشخصيات الوطنية مهمة أسهموا في رسم طريق الحرية والامان لشعوبهم؟

قرأت كتبا كثيرة مهمة وغير مهمة، قرأت هذه الكتب، المهمة لأهميتها، والغير مهمة لأعرف محتواها ومكنوناتها، مثلا كتب لينين مهمة وجديرة بالقراءة، وهي سياسية وفلسفية في آن واحد، وأعتبر نقيضها أي الكتب التي توّجه النقد الجارح والبعيد عن الواقعية من قبيل ""الشيوعية"" كفر وإلحاد كتبا غير مهمة، بل كتبا مهملة لا أعود لقرائتها ثانية، وبالعكس أعود لقراءة الكتب الجيدة مرّات ومرّات، لقد أشرت سابقا إلى الكتب وأكثرها كتب أدبية: قصة قصيرة، رواية، أشعار، وهنا أضيف أسماء الكتب الأخرى أدبية وفلسفية وعلمية وغيرها حسب الذاكرة التي شاخت هي الأخرى:
كارل ماركس (رأس المال)، فردريك نيتشه (هكذا تكّلم زرادشت)، البرت إينشتاين (النظرية النسبية)، سيكموند فرويد (تفسير الأحلام)، جارلس داروين (أصل الأنواع)، أدولف هتلر (كفاحي)، ماركريت ميتشل (ذهب مع الريح)، جورج أوريل (مزرعة الحيوانات)، سيرة غاندي العظيم، نيكوس كازانتزاكيس (زوربا اليوناني)، كابريل كارسيا ماركيز (الحب في زمن الكوليرا) وميخائيل بولكاروف (المعلم وماركريتا)، سيرة ماركس، سيرة إنجلس، سيرة لينين.

بعيداً عن المجاملة والمحاباة والمواقف الشخصية ،عرّف لنا وبكلمة منصفة ،بعض من هذه الوجوه التي دخلت في الذاكرة.منها من هي الان حاضرة في المشهد الساسي، وآخرون قد اصبحوا في ذمة اومتاهات التاريخ .



الملك فيصل الاول
إعرابي من البادية في السعودية نصّبه الإستعمار الإنكليزي ملكا على العراق عام 1921.

بكر صدقي
وطني كوردي الأصل ناضل ضد الإنكليز والخونة، ولكن الخونة ورّطوه في قتال الآثوريين في سميل، وفيما بعد وبمساعدة بريطانية إغتالوه.

لينين
معلم البشرية التقدمية وقائد ثورة اكتوبر العظمى، وهو خالد إلى الأبد.
هتلر
من الحزب الإشتراكي الوطني تحّول إلى الحزب النازي، وهو عدو لدود لليسار والشيوعية، وهوايته إراقة الدماء.
الملك غازي
يقال بأنه كان ذو ميول وطنية، والإنكليز إغتالوه لأنه أيّد حركة بكر صدقي.
أتارتورك
هو مؤسس تركيا الحديثة الذي أعطى الحرية لأيتامه بالوقوف ضد تطلعات الشعوب وخاصة الشعب الكوردي الذي سيكتب بنضال أبنائه نهاية الطورانية قريبا.

شيخ سعيد بيران
قائد وطني كوردي أعدمه العنصريون الأتراك.
سعيد قزاز
وقف ضد الفكر الشيوعي وبصفته وزير الداخلية في العهد الملكي أصدر المراسيم الرجعية ضد الدستور العراقي، ومارس أتباعه أشد الأساليب في التعذيب والطلب من السياسيين العراقيين تقديم البراءة السيئة الصيت، وأسقط الجنسية العراقية عن عدد كبير من الوطنيين، وناهض الحركة الكوردية بقيادة بارزاني، وبكلمة أخرى لم يكن سعيد قزاز ديموقراطيا كما يرّوج له البعض.
عبد الكريم قاسم
قائد ثورة 14 تموز 1958 ولا يحتاج إلى أي شرح.
الاخوين عارف
عبدالسلام عارف قوموي عروبي خان صديقه عبدالكريم قاسم من أجل جهات خارجية، عبدالرحمن عارف عربي قومي وإنسان بسيط ومتواضع.
الجواهري
شاعر العرب الأكبر
مظفر النواب
شاعر وطني كبير إشتهر بالهجاء ضد الملوك والرؤساء العرب، قضيت معه فترة في السجن، وقف بوجه الجلادين بشجاعة.
الشاعر عبد الله كوران
يعتبر أستاذا للشعر الكوردي الحديث الذي غنّى بأشعاره الخالدة: للوردة الحمراء، للمرأة وجمالها،للأخوة العربية الكوردية، لهورامان والطبيعة، للعيد القومي نوروز، وكان شيوعيا، ووطنيا كورديا ومن عائلته برز أدباء وشعراء ومنهم : ئه زي، هيرو،هوكر.

طالب الشبيب ومحمد علي سعيد وحازم جواد ومذكراتهم الصريحة للتاريخ.طالب شبيب كذّاب وحازم جواد كذاب وأشتركا في إقتراف الجرائم في ردة شباط 1963 ، والدكتور علي كريم سعيد في كتابه عراق 8 شباط 1963 وقع تحت تأثير الصداقة، ولم يذكر مع الأسف حقائق هو في غنى عنها، بل (ستر) على جرائم الأثنين.

فهد سلمان
عامل، مؤسس الحزب الشيوعي العراقي، نادى بتقوية الحركة الوطنية وتقوية الحزب، كما نادي بحقوق القوميات، وقف ضد الإستعمار واعدم في العهد الملكي.
جمال الحيدري
قائد شيوعي بارز، قاد العمل الحزبي مع رفيقه محمد صالح العبلي عضو المكتب السياسي للحزب بعد مؤامرة شباط 1963 وفي رسالة له أكد على الجوانب المعنوية لنضال الشيوعيين وهم يواجهون الجلادين، موضحا بأنّ الحزب إستطاع الصمود بوجه الإرهاب بفضل أمانته لإلتزاماته التي قطعها للشعب، ومعّبرا عن الثقة بأنّ دماء الشهداء لن تذهب هدرا، وأعتقل مع رفاقه محمد صالح العبلي وعبدالجبار وهبي (أبو سعيد) وواجههوا الجلادين عام 1963 بصلابة، واستشهدوا تحت التعذيب.
حركة حسن السريع
هي الحركة التي أعادت الإعتبار للفكر اليساري والشيوعي، وأثبتت سخط الجماهير الشعبية على المتآمرين الذين إغتالوا ثورة 14 تموز وقضوا على منجزاته.
محنة عزيز الحاج
هي محنة عزيز الحاج، فما بال الآخرين؟!!.
تخلي بدر السياب عن فكره اليساري
ليس الأول ولا الأخير يتخلى عن أفكاره فهو حر،كما ساهم وأسس مدرسة الشعر الحر مع أقرانه.
الزعيم الكوردي البارزاني الخالد
قائد فذ لشعب مناضل في سبيل الحرية والحقوق القومية، إنّه مفخرة للأمة الكوردية.

عزيز محمد، ودوره في لملمة الحزب قوات الانصار والنصيرات ومشاركتهم الوطنية في مقارعة الفاشية
قائد حزبي معروف ليس على نطاق العراق فحسب، بل على النطاق العالمي، إذ تمّ تقليده وسام لينين من قبل رئيس هيئة الرئاسة لمجلس السوفيت الأعلى في الإتحاد السوفيتي لدوره في الحركة الشيوعية، ونضاله الدؤوب من أجل السلام والديموقراطية والتقدم الإجتماعي، وكان سكرتير فرع كوردستان للحزب الشيوعي العراقي في ردة 8 شباط 1963 عندما قرر مكتب الفرع دعوة جميع الشيوعيين إلى حمل السلاح واللجوء إلى الجبال في كوردستان ومواصلة النضال ضد المتآمرين، وكانت الظروف معقدة للغاية، لأن بعض العناصر القيادية في الحزب الديموقراطي الكوردستاني كان يهادن الإنقلابيين، ولم يرّحب هذاالبعض بإنضمام الشيوعيين إلى العمل المسلح في الثورة الكوردية المسّلحة، ومن أجل تذليل العقبات أجرى عزيز محمد عدة لقاءات مع مصطفى بارزاني وقيادة (حدك) لتوضيح طبيعة الإنقلاب لهم، ووقف بارزاني ضد ذلك (البعض) مقّدرا وزن الشيوعيين الكبير،وأصدر تعليماته بتقديم المساعدات للشيوعيين وتسهيل وصولهم إلى مناطق الثورة، واتسعت حركة الأنصار البيشمةركة الشيوعيين لاحقا، وساهمت بقسط كبير مع تضحيات جسام.


بعض الجهات التي هندست مذبحة ابرياء بشت ئاشان
جريمة نكراء، وقتلة مجرومون مجّردون من الأخلاق، خدم أذلاء نفّذوا ما أرادها الدكتاتورية الفاشية في نظام صدام حسين الإرهابي.
عشقك لبعض من شعراء الكورد والعرب القدماء منهم والمعاصرينقديما وحديثا: عشقي لهم لأني أقرأ نتاجاتهم: قانع، عبدالله كوران، نالي، محوي، احمد دلزار، هيمن، بيره ميرد، فائق بيكه س،رفيق صابر، حمه سعيد حسن، شيركو بيكه س، ره نج سه نكاوى.أحمد شوقي، المتنبي، حافظ إبراهيم، الجواهري، الرصافي، الزهاوي، الفيتوري، الشابي، عبدالستار نور علي، لميعة عباس عمارة، نازك الملائكة، سعدي يوسف وأقرأ قصائد تعجبني لشعراء جدد دون الإشارة إلى اسمائهم لأنهم (كثر).


قراءاتك لقصائد سعدي يوسف الأخيرة، وموقفه الوطني الرافض لأسلوب سقوط العراق بقوة الاحتلال.
سعدي يوسف شاعر كبير لا يحتاج إلى تقييم الآخرين، وبالنسبة للشق الثاني لم يكن سعدي يوسف الوحيد الذي يتخذ ذلك الموقف، وسعدي يوسف هو من أضّر بنفسه!!.


ج10

فالتزوير كان الأسد في الإنتخابات، والضائقة المالية للدعاية والإعلانات قاتلة مقابل آلاف بل ملايين الدولارات التي حصلها أياد علاوي من السعودية ودول الخليج، والتي حصلها القوائم الشيعية من إيران.
أعتبر مسألة معالجة الوضع في كركوك شكلاَ من أشكال إحقاق الحق، وانصاف ضحايا النظام البائد، وإعادة الامور الى مسارها الطبيعي.


المحطة الثالثة :

لماذا لم يحصل الحزب الجماهيري كما المعلن في ادبياتكم وندواتكم الجماهيرية الواسعة الانتخابات الاخيرة والاولى على الاصوات الساحقة في الانتخابات الاولى والاخيرة على الاكثرية الساحقة رغم شهرته بين الجماهير كحزب الشهداء والنضال والوطنية. في حين يندهش المرء وباستغراب فوز بعض من الاحزاب التي ولدت عشية دخول قوات الاحتلال فتمكنت في فترة قصير حصد الكثير من المواقع السياسية العليا وتسيدها ،وبقوة الشارع السياسي العراقي ؟.

ذكرت اعلاه الأسباب التي أدّت إلى عدم فوز قائمة حزبنا، وأرجو أن لا يندهش المرء فالتزوير كان الأسد في الإنتخابات، والضائقة المالية للدعاية والإعلانات قاتلة مقابل آلاف بل ملايين الدولارات التي حصلها أياد علاوي من السعودية ودول الخليج، والتي حصلها القوائم الشيعية من إيران، والمال الحرام الذي كان تحت تصرفهم أيام حكم المالكي، وتدخل دول الجوار، وتوظيف الفضائيات والإعلام، وكل جهة تحاول إبراز عضلات قائمتها، ومن ثمّ الأبواق الرخيصة في الدول العربية لمساندة قوائم السنة، وهؤلاء خليط غير متجانس، وفيهم البعثي والقومي وعناصر مخابرات سابقة بالإضافة إلى قلة من العناصر التي تأقلمت معهم من أجل وصول البرلمان، وتدخل المرجعيات الدينية الشيعية بحذر شديد ودعم المرشحين، وفيهم المعمم، والبعثي المخابراتي القديم، والعناصر الإنتهازية، وعناصر مؤيدة بدغدغة دينية، وأن شركات العد والفرز لم تكن هي الأخرى نزيهة ونظيفة كالشركة الأردنية، وشركة ناشيتا، وتدخل أمريكي واضح في إسناد القوى التي وعدت بالدفاع عن المصالح الأمريكية، والوقوف ضد إيران.
شدد الحزب في بيان له عقب التصويت على قانون الانتخابات المعدل على مراجعة بعض البنود الاساسية التي وصفها بالمجحفة بحق ممارسة الديمقراطية ودعا القواعد المجتمعية والمدنية الى تعديل هذه البنود وتعديلها بما يتلاءم مع مقتضيات الدستور والعملية السياسية،
وجاء صدور هذا البيان من اجل توضيح موقفه من قانون الانتخابات العامة المعدل، والذي هوأسوأ بكثير من قانون رقم 16 لسنة 2005 بل ربما اسوأ حتى من قانون انتخابات مجالس المحافظات ، لأن التعديلات التي ادخلت عليه، كانت مجحفة وظالمة حقا، وتؤدي في المطاف الاخير الى ثلم كبير في ممارسة الديمقراطية والى مصادرة حقوق وآراء جمهرة غفيرة من الناخبين ، تقدر بالملايين.
يرى قسم من الأخوة العرب، ومن ضمنهم بعض الشيوعيين الذين بقت عندهم رواسب الفكر العربي بأنّ الحزب الشيوعي الكوردستاني قد إنفصل من الحزب الشيوعي العراقي، ويعتبرونه إنشقاقا، ويؤّثر سلبا على علاقة الحزبين، وهم يعلمون قبل غيرهم بأنّ الشيوعيين الكوردستانيين والعراقيين وفي مؤتمر للحزب الشيوعي العراقي وبموافقة الجميع تمّ ذلك، وهذا ليس إنشقاقا، وإنّما حق من حقوق الشيوعيين الكوردستانيين أن يكون لهم حزب، وهذا الحزب يرتبط بعلاقات قوية مع الحزب الشيوعي العراقي، والشيوعيون الكوردستانيون رفاق مخلصين للشيوعيين العراقيين، وأن دماءهم اختلطت معا في المعارك الطبقية وفي الكفاح المسلح ضد الطغمة الدموية لنظام صدام حسين الدكتاتوري، وهنا ينبغي أن نقف ونحّمل الحزب قسطه في الإخفاق.

المحطة الرابعة :

ما موقف الحزب الأخير من قضية كركوك والمادة 140 ومشاركته في استقرار امن كوردستان مع الحفاظ على تثبيت الفيدرالية فيها. واعمار جميع مدن كوردستان ومساهمته الجادة في محاربة الفساد الادراي والاقتصادي في مدن العراق ؟.
في البداية (يجب) التأكيد على توجيه نقد إلى القيادة الكوردستانية، وبالأخص إلى الحزب الديموقراطي الكوردستاني والإتحاد الوطني الكوردستاني لعجزهما تلبية الدعوات التي رفعتها لهما الجماهير، أو الدعوات التي كتبها الكتاب الكورد بأن يتركان عرض العضلات، والمضي على تطبيع العلاقات في كركوك، وبأن تكون مديرية واحدة للتربية، ومديرية واحدة للآسايش (جهاز الأمن)، ونبذ العمل بمديريتين، وقد طالبت الجماهير الكوردستانية دوما ضرورة تطبيق المادة (140) الدستورية في موعدها المحدد، وعدم الرضوخ إلى طلبات دول الجوار وأمريكا التي تحاول كل منها ترضية طرف من الأطراف العراقية على حساب الكوردستانيين.
لقد ركّز حزبنا على المهام السياسية التي تتعلق بمصير التجربة الكوردستانية في العملية السياسية العراقية، التي تعاني من تعقيدات وصراعات شديدة لاوساط متنوعة تتصارع على شكل بناء الدولة الجديدة ونظامها السياسي، وهذه المهام السياسية هي ليست مهمة الحكومة وحدها، فهي مهمة جماهيرية من الطراز الأول، تعبر عنها حكومة الأقليم وبرلمانه وقواه السياسية بمظهرها الخارجي. وتتجلى أهميتها في ضرورة اعتماد القيادة السياسية على العامل الداخلي لحماية مكاسب شعبنا وحقوقه القومية وحقوق القوميات الاخرى والاسراع في تطبيق المادة (140) من دستور العراق الفدرالي، واعادة الاجزاء المستقطعة من كوردستان، وتنفيذ سائر الاستحقاقات الدستورية ذات العلاقة باقليم كوردستان وببناء النظام الديمقراطي الفدرالي، الذي يحقق تطلعات الجميع، دون ارتهان عليه.
وان الغرض منها حل القضية القومية وضمان حقوق شعبنا الكوردستاني، ولا يمكن استنساخها وتطبيقها كحل للاشكالات المتعلقة بالقضايا ذات الطبيعة الادارية واللاقومية والناجمة من سياسة الالغاء والتهميش التي مارستها السلطة الدكتاتورية السابقة بحق مناطق اخرى من العراق.

وعلى الرغم من أن قضبة كركوك وغيرها من المناطق التي سميت بـ (المتنازع) عليها، كان ينبغي أن تعالج بالاعتماد على الحقائق التاريخية والجغرافية، إلا أن حزبنا، وبسبب الظروف السياسية السائدة عقب سقوط النظام، كان ضمن الموافقين على حل الخلاف حول كركوك، وغيرها من المناطق المشمولة بالمادة (140) وفق الاستحقاقات والآليات الواردة في دستور العراق الفدرالي. لقد تعامل الحزب مع قضية كردستانية كركوك انطلاقاً من ضرورة تصفية آثار الديكتاتورية وانعكاساتها على كافة مجالات الحياة اليومية والسياسية للمواطنين، وبالأخص في مجال العلاقات القومية، واعتبر مسألة معالجة الوضع في كركوك شكلاَ من أشكال احقاق الحق، وانصاف ضحايا النظام البائد، واعادة الامور الى مسارها الطبيعي، والعودة الى رأي السكان الأصليين القاطنين في تلك المناطق بعد اعادة الأجزاء المستقطعة عنها بسبب سياسات التعريب القسري.
وفي وقت سابق وافقت قيادة الاقليم على طلب ممثل الامم المتحدة باضافة ستة اشهر لاستكمال القضايا الفنية والتكنيكية، وهنا لابدّ من التأكيد على المضي في السعي لتنفيذ الاستحقاقات الدستورية، والتمسك بنتفيذ المادة واعتماد الحوار والتفاهم والاخذ بنظر الاعتبار ان الاوضاع الكوردستانية بشكل عام وتنفيذ المادة (140) بشكل خاص، لا يمكن عزلها عما يجري من صراعات في عموم العراق، اضافة الى مواقف دول الجوار والمصالح الدولية. ومن الضروري العمل على الاستفادة من الأمم المتحدة كشرعية دولية لتحريك المادة والاسراع في تنفيذها، وهي التي اقترحت وقتاً اضافياً لاكمال مستلزمات التنفيذ وتهيئة الأجواء المناسبة، التي تتطلب أولاً توحيد جهود القوى الكوردستانية في كركوك وغيرها من المناطق، والابتعاد عن كل ما يعكر جو العمل المشترك، لا في مستوى قيادات القوى الكوردستانية في تلك المناطق فحسب، بل داخل قواعد تلك القوى، وتوجيه الكوادر والمنظمات الحزبية لتلك القوى نحو العمل الجماهيري المشترك، لما فيه خدمة أهالي المنطقة، وجماهيرها. ومن الضروري توثيق الصلات والعلاقات مع أهالي المدينة الأصليين من التركمان والعرب والكلدان الآشوريين السريان، وقواهم السياسية الحقيقية، والتعامل بشفافية ووضوح مع الوافدين.

ويؤكد حزبنا الشيوعي على ضرورة بقاء الموقف الكوردستاني الموحد وبذل كل الجهود لكي تقوم الحكومة الاتحادية بايفاء التزاماتها من أجل تطبيق المادة (140) من الدستور، عبر توفير المستلزمات الضرورية لقيام اللجنة المكلفة بتطبيق المادة بمهامها، وعدم اعطاء الفرصة للمساعي الرامية لايجاد آليات تتجاوز جوهر تلك المادة، او تجردها من مضمونها الحقيقي، استجابة لمطالب أقليمية أو دولية.

المحطة الخامسة :

تقييمك لتجربة الحزب ومنذ المؤتمر الاخير وبقاء العديد من الوجوه والكوادر تكاد تكون مزمنة ومترهلة فكريا وعطاء وتبدو على وجوه بعضهم سيمياء الحراس القدماء للعهود الستالينية الحديدية، خوفا من ضياع المكاسب والمناصب. في حين ظل وضع الشيوعي المكافح والملتزم مزريا ومدقعا بالرغم من تدفق عطاء النفط العراقي وخيراته بعد السقوط وهو اليوم بالكاد يأمن وبعرق جبينه قوده وكفالة اولاده بساعده المتعب ، وخلفه صوربعض من المنتفعين مازالو بشعار حزبه الاممي المنجل والمطرقة . برأيك لماذا تلاشت الصدقية والواقعية لتلك الصورة القديمة خلف ستار مغريات طغيان الشروط الاميركية المنتجة لبرنامج علمنة نظريات المبادئ الثابتة هل لك تعليق معين ؟
عقد الحزب الشيوعي العراقي مؤتمره الأخير (المؤتمر الثامن) في بغداد في آيار 2007، تحت شعار: (لنعزز صفوف الحزب ونعمل على توحيد قوى الشعب الوطنية لإحلال الأمن والاستقرار واستكمال السيادة الوطنية وبناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد) وعلى مدى (4) أيام تناول موضوعات عديدة منها: الإشارة بأنّ السلطة القائمة في العراق كانت كما اوضحه المؤتمر السابع، دكتاتورية فردية استبدادية مطلقة ذات طبيعة شوفينية، تعتمد اساليب فاشية وممارسات طائفية في الحكم، وتتسم بنزعة عدوانية توسعية ازاء الاشقاء والجيران " كما كانت " تعبر عن مصالح البرجوازية الطفيلية اساسا.
واستشرت الازمة في سائر الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاخلاقية. كما جرى الإهتمام الجدي بالعمل على ترسيخ الديموقراطية، والإهتمام بالتنطيم والنظام الداخلي وإجراء التعديلات بما ينسجم والوضع الجديد في البلاد، والإسترشاد بالفكر الماركسي، وهنا جرت مناقشة طويلة على تبديل اسم الحزب إلى اسم أخير، وبعد دراسة الآراء والتصويت عليها، بقى اسم الحزب كما كان (الحزب الشيوعي العراقي)، وتمّ التأكيد على ضرورة التجديد بإستمرار، ورافضا للجمود الفكري، والإهتمام بالديموقراطية في بنائه الداخلي، والإهتمام بالقيادة الجماعية، وفسح المجال امام الجميع (كل مندوبي المؤتمر) للترشح والإنتخاب، وكانت النتيجة من حق الجميع الترشح والإنتخاب للجنة المركزية.
أمّا عن القيادة بأنّها مترهلة، وعلى سيمائهم تبدو وجوه الحرس القديم، قلت بأنني حضرت المؤتمر الثامن كمندوب، وكنت مع رفيق آخرنمثل (لجنة تنظيم الخارج) للحزب الشيوعي الكوردستاني، وكنت آنذاك سكرتير (مسؤول) لجنة تنظيم الخارج، وفي المؤتمر تمّ فسح المجال أمام جميع الرفاق، ودون استثناء الترشح والانتخاب لكل الهيئات، بما فيها اللجنة القيادية (اللجنة المركزية)ن وبعد فرز الأصوات رأينا عدد من الشباب حصلوا على أصوات تؤهلهم أن يكونوا أعضاء في اللجنة المركزية للحزب، وهذا ما حصل فعلا، وليست جريمة إذا حصل رفيق كبير السن على ثقة أعضاء المؤتمر وعلى أصوات الناخبين، وأن يكون عضوا في القيادة.
من الضروري أن أشير بأنّ النشاط التخريبي ضد الحزب كان يجري قبل المؤتمر، بزعم ان القيادة عاجزة عن عقد المؤتمر، وهم لا يريدون معالجة القضايا الفكرية والسياسية والتنظيمية.
وبعد المؤتمر إزداد النشاط واستفحل، والهدف هو إلحاق الأذى والضرر بالحزب، فخصوم الحزب والشيوعيين يهدفون إلى تصفية الحزب بالقمع والإرهاب، والغاية الأساسية سعيهم (الخصوم) إضعاف دور الحزب، ووضع العراقيل أمامه، وإعاقته عن تحقيق مهامه، وليس من شك في أن مهندسي هذه الحملات القذرة حاولوا الإفادة، كما هو عملهم ودأبهم دوما، من بعض النواقص في داخل الحزب وعلى أطرافه، بغية تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه بالإرهاب والبطش والتصفية.
وعن المنتفعين داخل الحزب، أقول وأنادي بأعلى صوتي وأطالب، أن يصدر الحزب بيان يفضح هؤلاء المنتفعين إن كانوا موجودين، وإنزال أشد العقوبات بحقهم، وطردهم من القيادة وعدم تكرار القول: بأن ذلك من صلاحيات المؤتمر، فالمؤتمرون أدلوا بأصواتهم لرفاق نزيهين حسب معرفتهم أو حصول معلومات من الحزب عنهم، فالمؤتمر لا يريد المنتفعين على حساب الحزب وجماهيره، وبعكسه أن يذكر الحزب بأن تلك الأقاويل ماهي إلا كذبة أو فرية من أعداء الحزب.
يجب علينا جميعا أن نصرخ ونقول بأنّ الفساد إستشرى في جميع مفاصل البلاد، وهذه العملية (السرقة، الإنتفاع، الذيلية وغيرها) إنسحبت على شخصيات حكومية قيل عنها، بأنها نزيهة، وحتى وصلت إلى الأحزاب، وما تسمى بجمعيات ومنظمات ""المجتمع المدني"".


ج11

تعد الماركسية نتاج جميع التيارات الفكرية التقدمية، وتسمى الفلسفة الماركسية بالمادية الديالكتيكية والمادة التاريخية، وتوّلف الماديتان من حيث المحتوى وحدة واحدة.

تبّنت هذه الحملة شخصيات عالمية ومنهم في المقدمة الفيلسوف البريطاني برتراند رسل ألذي له مؤلفات عديدة.


س 6 . ماذا تعني لك هذه المفردات المتنوعة :

1- الكتب التنظيرية والفلسفية، ( كارل ماركس ، برتدراند راسل، يافوكاما ونهاية التاريخ، غاندي ،هكذا تكلم زرادشت ،صراح الحضارات ،).
الكتب النظرية والفلسفية:
هي الكتب المهمة، وهي ضرورة ملحة للباحث الإجتماعي، وأن أهمية النظرية تكمن في أنّ الفرد يقرأها لا ليفهمها فحسب، بل لأن النظرية تمثل نمطا لبناء المعرفة العلمية، وضرورة لكل ملاحظاته، وإنّها الشرط الضروري لإنطلاق التفسير والتحليل، وحول الفلسفة: ترى الماركسية أنّ تاريخ الفلسفة كان وما يزال مجالا لصراع المصالح الحقيقية لمختلف الطبقات والفئات الإجتماعية في الدول والأمم، وتعد الماركسية نتاج جميع التيارات الفكرية التقدمية، وتسمى الفلسفة الماركسية بالمادية الديالكتيكية والمادة التاريخية، وتوّلف الماديتان من حيث المحتوى وحدة واحدة، أمّا من حيث الشكل فإنّهما تختلفان بحسب الموضوع المعالج. فالمادية التاريخية جزء من المادية الديالكتيكية مطّبقة على الحركة الإجتماعية، وعلى المجتمع بأحداثه وظواهره.

برتراند رسل: فيلسوف مرموق يستحق تعميم تجربته، ودراسة أفكاره لمغزاها العميق، وكان معجبا بروسيا والثورة البلشفية وهو في بريطانيا، ولكنه عندما زار موسكو والتقى بفلادمير إيليج لينين و مكسيم كوركي، هاله ما رأى وصعق وخاب أمله وتزعزع إيمانه، وعند العودة كتب كتابا وعنونه: لماذا لست شيوعيا، وبالعكس زار الصين وأنبهر عندما شاهد كل شيء يعجبه، وكان رسل مؤازرا للفنانين والمثقفين دائما مؤيدا للشعوب المقهورة، وهو الذي ثار على المذابح والحروب، ودافع دفاعا مستميتا عن السلام، وقد ناصر الشعب العراقي ووقف إلى جانبه بعد مؤامرة شباط القذرة في 1963، وعند تشكيل لجنة الدفاع عن الشعب العراقي في براغ، والتي تكونت من شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري، وعضوية كل من: ذنون أيوب، الدكتور فيصل السامر، جلال طالباني، الفنان محمود صبري ونوري عبدالرزاق وآخرون، ونشطت اللجنة في فضح اساليب النظام الفاشية في التعذيب والتصفيات الجسدية، وقدمت الدراسات والمعلومات عن احوال السجناء وظروف معيشتهم الصعبة في السجون العراقية، ووثقت الكثير من جرائم نظام العهدين البعثي والعارفي، ونشرت اسماء بقوائم الشهداء الذين قضوا في التعذيب البربري، وتبّنت هذه الحملة شخصيات عالمية ومنهم في المقدمة الفيلسوف البريطاني برتراند رسل ألذي له مؤلفات عديدة.

فرانسيس فوكاياما ونهاية التاريخ: مفكر أمريكي معاصر، وهو تلميذ ألين بلوم، حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة هافارد، أستاذ الأقتصاد السياسي الدولي ومدير التقنية الدولية بجامعة جونز هوبكنز، إشتهر بكتابه المعنون: نهاية التاريخ، ويطلق عليه محبيه ومعجبيه لقب الفيلسوف، فهو يقول بأن نهاية تاريخ الاضطهاد والنظم الشمولية قد ولى وانتهى إلى دون رجعة مع انتهاء الحرب الباردة وهدم سور برلين، لتحل محله الليبرالية وقيم الديمقراطية الغربية، ويحاول هذا الفيلسوف أن يناقض ويعارض فكرة نهاية التاريخ في نظرية كارل ماركس الشهيرة (المادية التاريخية)، والتي إعتبر فيها أن نهاية تاريخ الإضطهاد الإنساني سينتهي عندما تزول الفروق بين الطبقات.
صحيح أن الحرب الباردة إنتهت، وأن سور برلين قد تهّدم وأصبحت الألمانيتين، الغربية والشرقية آلمانيا واحدة، ولكن النظم الشمولية باقية لحد الآن والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى: سوريا والسودان في مقدمة البلدان العربية، وسوريا لا تعترف بأن الكورد مواطنون سوريون، والإعتقالات جارية والملاحقات البوليسية تشتد، وإعتقال الناشط السياسي هيثم المالح الذي يبلغ (80) سنة دليل لا يحتاج إلى إي تأكيدات، وفي السودان القتل الجماعي في دارفور يتصاعد والرئيس البشع البشير مطالب بالمثول أمام المحكمة الدولية، وفي إيران الإسلامية وتركيا الطورانية يشهد المرء يوميا غليان الشارع الإيراني والتركي، فالمظاهرات والإحتجاجات تتصاعد في كل مكان وهناك دول وحكومات إستبدادية أخرى، ولا يدري المتابع بم سيرد فوكوياما الذي تأثر في بناء نظريته بآراء الفيلسوف الألماني المعروف جورج ويلهم فريدريك هيكل (هيغل).
يرى فردريك هيكل أن تاريخ البشرية قد تقدم في معرفة الحرية، ويقسم التاريخ العالمي على مراحل أساسية هي: العالم الشرقي حيث لم يكن الفرد قد أدرك أن الحرية تشكل جوهره، لذا كان الجميع عبيدا، والعالم القديم اليونان والرومان حيث أدرك البعض أن الحرية تشكل جوهرهم، فكانوا أحرارا وبقي آخرون لا يدركون هذه الحقيقة فكانوا عبيدا.
يعّظم فردريك هيكل الشعب الألماني في حين يحتقر الشعوب الشرقية، ويعتبرها شعوبا لا مستقبل لها، والدولة عنده هي الأطروحة وهي جملة قوانين ونظم وعادات متّبعة نشأت كلها في سياق الزمان عند الشعب نشوءا مبرما مترتبا على تكامل التاريخ.
وعلى النقيض ترى الماركسية ان تاريخ الفلسفة كان وما يزال مجالا لصراع المصالح الحقيقية لمختلف الطبقات والفئات الإجتماعية في الدول والأمم، وأن الفلسفة جزء من البنية الفوقية الآيديولوجية التي تؤّدي وظيفة معرفية لطبقة معينة، وأنه لا وجود لفلسفة خارج الأفراد والطبقات والمجتمع، وأن ما يدّعيه بعض الفلاسفة المثاليين الذين يقولون بأن الفلسفة حقيقة إنسانية خالدة مطلقة لا صحة له، وان على الفكر الفلسفي الثوري أن يكتشف معامل الإرتباط بين المذاهب الفلسفية وبين العلاقات الإجتماعية القائمة في زمن معّين، ومجتمع محّدد، وأن يكتشف أيضا معامل اللإرتباط بين هذه المذاهب وبين درجة تقدم العلوم وأشكال الوعي الإجتماعي، وأن جوهر الفكر الفلسفي يتحدد بالمستوى الذي توصلنا إليه في تطور المعرفة الإنسانية التي لا تقتصر على شعب من الشعوب أو أمة من الأمم وإنّما هي نتاج البشرية جمعاء.

مهاتما غاندي: رجل السلام المعروف عالميا، درس القانون وأصبح محاميا، وهو الزعيم الروحي ورجل الهند العظيم الذي رأى سخط السكان على الإنكليز وتذمّرهم منهم، لأنّهم رغم إحتلالهم للهند لجأوا إلى قذفهم بكلمات نابية، والإستهزاء بهم، وفرض كل شيء منكر عليهم، فنظّم مقاومة جماهيرية عارمة، والتي سمّاها بـ (المقاومة السلمية).
يعتبر غاندي الزعيم الوحيد الذي لجأ إلى محاربة المحتلين بطريقة اللاعنف، وأنه إستطاع بمهارته وقابليته جر الناس الشجعان لتقّبل آرائه السديدة المفعمة بالحقائق، والوقوف معه حين أعلن "العصيان المدني"، أي الثورة السلمية الحقيقية، فهّبت الجماهير للعمل معه وتأييد خطواته، لأنّه نبذ منذ البداية إستخدام العنف في سبيل أهداف إجتماعية من أجل التغيير السياسي، وبهذه الطريقة السلمية (اللاعنف) إنتصر غاندي والشعب الهندي، وأصبح بحق الزعيم الروحي لإستقلال الهند.

هكذا تكلم زرادشت: كتاب فريدرك نيتشه العظيم، الفيلسوف، الشاعر والناثر، كتاب فيه نصوص بديعة، وعندما يجري الحديث عن هذا الكتاب القيّم، تتذكر صعود القوميات في أوروبا، في ألمانيا وإيطاليا، تتذكر النازية التي أرادت النازية الإستفادة من بعض الفقرات وإستغلالها لمصلحتها، كيف أرادوا ذلك ونيتشه إحتقر التمييز العنصري، وقد تنبأ بإنفجار الحروب المدّمرة التي لا مثيل لها في الأرض، هذا هو مصير الناس في القرن القادم، وما قاله نيتشه كان صحيحا.
يعتبر البعض بأنّ الفيلسوف نيتشه كان ملحدا، وفي كتابه هكذا تكلم زرادشت، يتكلم بلسان زرادشت مؤسس الديانة التي تجمع مجموعات كبيرة من البشر في عهد الميديين قبل (3) آلاف سنة، وفي الكتاب يشير بأنّه الحكيم وآخر الأنبياء، ومن جاء قبله، فهو ناقص، ويتهجم على جميع الأديان والمذاهب الفكرية، وبالأخص الديانة المسيحية، حيث قال في إحدى خطاباته لقد ""مات الله""، وكان يقصد في الصميم ضرب التعاليم المسيحية.

صراح الحضارات: مصطلح جديد بزغ نجمه في الولايات الأمريكية المتحدة في بداية التسعينات، كما ظهر في هذه الفترة بالذات مصطلح صراع الحضارات أو (صدام الحضارات)، وفي أمريكا أيضا، أي بعد نهاية الإتحاد السوفيتي، وظهور أمريكا كنظام القطب الواحد، ومن أصحاب هاتين المصطلحين البروفيسور الأمريكي في جامعة هارفارد ساموئيل فيليبس هوننتيكتون المولود في 18/4/1927 في مدينة نيورك، والمتوفي في 24/12/2008 وفرانسيس فوكوياما، والبحوث حول المصطلحين كثيرة ومتنوعة.




ج12

لا يستطيع المرء تعريف الدين، إذ ليس له تعريف واضح وثابت، فهو مصطلح مثير للجدل،
الشيخوخة أمر واقع، الكل يصبحون بمرور الأيام شيوخا، نحن في دولة متطورة ومتقدمة تحترم المرضى، تحترم الطفل والشيخ على السواء.
من سوء حظ هذا البلد الجميل طول شتائه وقصر نهاره الذي يبدأ في السابعة – الثامنة صباحا، لكي ينتهي في الثانية – الثالثة (بعد الظهر)، والبقية ظلام دامس.
الخير والنصر والحرية، أفضل من الشر والهزيمة والرجعية .


- كتب الاديان لها عليتها، وهالاتها المقدسة في المجتمع المحافظ ، لدى مليارات من البشر،هل انت من المؤيدين لحرية التعريض والتهجم غير السوي عليها.؟ أم انت مع عقلية ذلك المثقف الموسوعي والانساني الضي يؤمن بأن كل صاحب رأي او كاتب مقال له رأيه المقدر وتفكير الاخر يبديه بلا ترهيب في ظل صيانة الحرية، ومن غيرالمساس بمقدسات المليارات المؤمنة بها، فهل أنت مع ذلك النقد والتجريج الصارخ، تنكر وجود فكرآخر غير فكر أنصارك في دنيا المتغيرات.

لا يستطيع المرء تعريف الدين، إذ ليس له تعريف واضح وثابت، فهو مصطلح مثير للجدل، والدين من الناحية العلمية ظاهرة إجتماعية تاريخية يجتمع فيها إنعكاس الواقع في التصورات الخيالية، الوهمية ونفسية الناس وسلوكهم المطابقان لهذا، والسمة الأساسية للعقيدة الدينية هي الإيمان بما فوق الطبيعة: بالإله، بعالم الغيب، بخلود الروح وما شابه ذلك، ويضم الدين في ذاته مجموع التصرفات الدينية والشعائر.
والأديان السماوية كثيرة ومتشعبة ومنها: الإبراهيمية التي تتّشعب وتحوي – المسيحية، الإيزدية، واليهودية، الحنيفية، الصابئة والإسلام الذي هو ثاني أكثر الديانات إتباعا في العالم بعد المسيحية، واليهودية أقدم الأديان، بينما يعتبر البعض البهائية هو من الإسلام، ولكن المحاكم الشرعية المصرية إعتبرتها دينا مستقلا عن الإسلام، وهدف البهائية العرفان لله، والتقدم الروحي للفرد، والعمل على إزدهار الحضارة.
ليس من الممكن التهجم على الأديان السماوية، بالعكس يجب إحترامها والتكيف معها، وخاصة نحن نعيش في العراق وفي كوردستان ولدينا كل هذه الأديان والمذاهب.
أن مسألة الدين حساسة جدا، وخاصة في المجتمعات المتأخرة، وأن إحترام رأي الآخرين واجب، ولكن يجب عدم السكوت إزاء التخرصات والأكاذيب التي يطلقها البعض من أجل التجارة والحصول على المال وإمتيازات أخرى، ومثال ذلك يوسف القرضاوي الذي إنحاز قبل مدة في تركيا بصفته ""رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين"" إلى جانب رجب طيب أردوكان والنظام التركي الدموي، وفي الوقت الذي وقف القرضاوي سندا للعثمانيين الجدد، وصف بدون خجل نضال وبسالة ومقاومة الشعب الكوردي في شمال كوردستان من أجل حقوقه القومية المشروعة والعادلة بأنّه ""إرهاب""، وكان إلى جانبه المدعو علي قره داغي وهو "عالم" دين مسلم، كوردي الأصل، ولم يحرك ساكنا، وهذا يعني وقوفه أيضا مع حكومة تركيا الفاشية وأيتام أتاتورك.


3 – بعيداً من شجون السياسة ماذا يعني لك سكون الليل، وقدوم المساء الثقيل في شتائيات بلدك المنفى ؟
من سوء حظ هذا البلد الجميل طول شتائه وقصر نهاره الذي يبدأ في السابعة – الثامنة صباحا، لكي ينتهي في الثانية – الثالثة (بعد الظهر)، والبقية ظلام دامس.
مع ذكرى أغنية محمد عبد الوهاب: عندما يأتي المساء التي كنا نرددها ونحن شباب، الآن عندما يأتي المساء أجلس بجوار النافذة، وأنظر إلى الشارع العام، هدوء تام، سيارات قلة وإضاءات خافتة، وأتذكر الحالة عندنا صخب وزعيق، سيارات كثرة وإضاءات فول لايت، في الخارج برد قارس، وداخل الغرفة دفء، أتمنى لو يزورنا صديق، عائلة، لكي أستقبلهم أنا وزوجتي التي ملّت من متابعتها للتلفزيون، نجلس معهم ونقضي وقتا ممتعا، لا، أقول (أنا) لزوجتي، لا أحد يأتي، تابعي البرامج، وأنا سأقرأ لشاعر من الشعراء الكورد أو العرب، أنظر إلى مكتبتي، وقعت عيناي على ديوان: الآثار الشعرية الكاملة للشاعر عبدالله كوران: ترجمة – الدكتور عزالدين مصطفى رسول وأقرأ قليلا من المرأة الجميلة:
وهي تنير طريق الحياة
ولكن الطبيعة تخلو أبدا
من النور، إن غابت عنها بسمة الحبيبة
ويخلو صوتها الشجي من الأنغام
ما لم يأت به الريح إلى مسمعي ويبعث في الرضا
فأي نجوم زاهية، وأي أزهار برية
تضاهي حمرة خدّيها، وحلمتيها وشفتيها؟
وأي سواد يضاهي سواد عيناها؟
وأهدابها وحاجبيها وشعرها المرسل؟
وأيّ علياء أبهى من شموخ قامتها؟
وأيّ شعاع يقارب شعاع الطرف منها؟
وأيّ حنين وشوق وإنتظار
يجاري سحر لخط الشوق في مقلتيها؟.

4 - الموسقى والاغاني الشجية التي تعيد لك أيام عنفوان.

منذ الطفولة أحب الموسيقى والأغاني، ولكن باللهجة العراقية (أونون) ولا أغني عندما أكون وحدي، لا أحفظ كلمات الأغاني، أحفظ الألحان، ولا ألّحن، أحب الاغاني: عربية، كوردية، فارسية، روسية، إنكليزية، ناظم الغزالي، عبدالوهاب، أبو بكر سالم، لمعية توفيق، عفيفة أسكندر، علي مردان، طاهر توفيق، ناصر، رزازي، خداداد علي، نازدار، مرزية رزازي، كمال محمد، عدنان كريم، عباس كمندي، كوكوش، مهستي والقائمة تطول.

5 - ماذا فقدت في وطنك الأم ، وبالاخص مدينتك الغافية خانقين على جنبات نهر الوند ،أمسيات عبد المجيد لطفي ، وترانيم خدادا علي ، وشهداء أيلول، وأمسيات العيد في امام عباس وباوة محمود . وهل تتذكر بعضا من تلك الوجوه غير المنسية، بدءً من طلاب صفك ومعلميك في تلك المرحلة، واصدقاءك المشتتين الآن ما بين المنافي، أوالراحلين الى دار الخلود ؟، هل تتذكرهم اليوم باللوعة والحسرة؟ أام ثمة أ م ثمت ام امل يراودك في اللقاءبهم ربما في سفرة غير متوقعه لهم في مدينتك .

مع مجيء حزب البعث الفاشي إثر مؤامرتهم النتنة في 8 شباط 1963 تركت مدينتي الحبيبة، قبل (47) سنة تركت خانقين، كنت أسافر إليها زيارات خاطفة، أيام عبدالسلام عارف وعبدالرحمن عارف، وفي العهد البعثي أيام عودتهم الثانية، وأيام ما سميت بـ "الجبهة الوطنية"، تركت أعز أصدقائي وزملائي، أصدقاء الطفولة، الصبا والشباب، إنهم بأعداد كبيرة، لا أذكر الأسماء كلها، أذكر الشخصيات: المربي الكبير الأستاذ الجليل عبدالعزيز بشتيوان (توفي)، الأخ والصديق الأستاذ كمال شاكر (سكرتير الحزب الشيوعي الكوردستاني) حاليا، ملا إبراهيم، خليل مصطفى {أبو مصطفى – توفي} ومن الرياضيين: طه عباس (غزال)،سامي عارف (قنبلة)، سهام بكر (ياشين القط الأسود) قيس شاكر، إسماعيل قاره مان، عباس احمد، صلاح مامه،آغا مراد، حربي عطاولا، خليل فرج، كرابيت، ستار نامدار، فاروق حقي، أديب حقي، والأستاذ علي حربي ، ومن الأدباء والصحفيين الأستاذ العزيز إبراهيم باجلان، وألتقيت بأعز أقاربي وأخوتي: غازي عبدالرحمن، شهاب عبدالرحمن،ماموستا كريم، ماموستا خليل، أحمد محمد أمين وغيرهم، وهنا أرجو من جميع أساتذتي ومعلمي ومعارفي وأصدقائي ورفاقي الشيوعيين (في خانقين أو في شتات البلدان الأخرى) الإعتذار لعدم الإشارة إلى أسمائهم، لأنها تحتاج لقائمة طويلة، كما لا أشير إلى أصدقائي الشهداء الشيوعيين والبارتيين والمتوفين بإستثناء : حاجي (ته بله ره ش، زوران عبدالعزيز، كامران عبدالعزيز، يدالله حسين، من دواعي سروري التقيت في دربندخان عدة مرات بالدكتور الأخ سعد وهو إبن الاديب عبدالمجيد لطفي، أما ترانيم خداداد علي، فهي حيّة وكلما أتذكر ثانويتنا، ثانوية خانقين في علمدار أتذكر ذلك الشخص المسكين، الهادئ الطبع الذي صدح كالبلبل، وغّنى (ئاى ئاى ئه لوه ن)، ومن المفرح جدا اني ألتقيت بالعديد من معارفي عند زياراتي لمدينتي وكوردستان.

6- العودة الى أيام الصبا أمل كبير يداعب مخيلة رغبة كل من تقدم به العمر، هل أنت من المؤمنين بتلك المقولة الشائعة ( الماضي لا يعود) ؟ أم تتأمل بتحقيق بمعجرة العلم الحديث وبعد نجاح الطفرات الجينية وتقدم البحوت العلمية في معرفة اسباب تقدم الشيخوخة المبكرة، ولنفترض وجود تلك الكبسولة السحرية قد ادت مفعولها، ورجعتك لعقود الى أيام شبابك، ماذا تفعل وماذا تخطط ، بان لا تتكرر في حياتك بعض الاخطاء والمواقف او أمنيات لم تحققه في فترة شبابك .أم تراها اليوم من الفنتازيات، أم لمحة من أحلام اليقظة بعيدة المنال ؟.

لا، الماضي لا يعود أبدا، أين أيام الطفولة؟ حين جئنا إلى القرية لأول مرة في حياتي رأيت الطيور، البط والوز تسبح في نهر سيروان، كنت ألعب مع إخوتي، كانت الوالدة تراقبنا، تخاف علينا، تركنا القرية وتركنا الطيور، تركنا أصدقاء الطفولة، رحلت الوالدة، لكنها لا تعود.
مع مرور الأيام إزداد عدد الأصدقاء في المحلة والمدرسة، نلعب شتى الألعاب، نركض، نقفز، ونعود إلى البيت لندرس ونحّضر الدروس، ونتهيأ ليوم غد الذي ينتظرنا، وفي المدرسة تطورت قابلياتنا وشكلنا فرق رياضية، فنية، ومحبوالرياضة يلعبون كرة القدم، الطائرة، السلة، وألعاب الساحة والميدان، وفي الملعب نتعهد بأن يكون الفوز لمدينتنا، وهذا ما حدث مرارا وتكرارا في بعقوبة، الأمر الذي أغضب القوميون العرب والبعثيون، لأن موسكو حصدت كل الجوائز الأولى، ومدينة خانقين في نظرهم كانت موسكو، نعم، الماضي لا يعود.
الوالدان، الأخوان، الأخوات، الأقارب والأصدقاء رحلوا عنّا، الرفاق في الحزب، وفي الكفاح المسلح أستشهدوا ولا أحد يعود، نعم، الماضي لا يعود.
الشيخوخة أمر واقع، الكل يصبحون بمرور الأيام شيوخا، نحن في دولة متطورة ومتقدمة تحترم المرضى، تحترم الطفل والشيخ على السواء، ويحاول كل فرد ويخطط بأن لا تتكرر الأخطاء والمواقف، ولكن وبالرغم من أن الإنسان مسؤول عن كل أفعاله، لإنّه حر في أن يفعل هذا، أو لا يفعل، ولذلك يترتب عليه العقاب والثواب، لا، الماضي لا يعود.
كانت الأمنيات كثيرة، القليل منها تحققت، ولا أعتقد بأنّها ستتحقق، ولكن لست متشائما.

7- هل لك في النهاية من كلمة مؤثرة وموحية تسطرها لقرائك ومتصفحيك ، وكخاتمة مؤثرة لمطاف حوارك المتواضع معنا بعد مهاتفتي الاخيرة معك، بالرغم من زحمة أرتباطاتك الحزبية والعائلية.

بسبب المرض بل (الأمراض المزمنة وهي ثلاثة فقط) قلت الإرتباطات الحزبية، أدعو الأصدقاء والمعارف أن يكونوا متفائلين دائما، وأن الخير والنصر والحرية، أفضل من الشر والهزيمة والرجعية، فالإنسان بلاشك يستفيد من تجاربه، وأن التشاؤم، هو حالة الإحباط والإستسلام، فما علينا إلا الإبتعاد عن العتاب، وأن نصبح أخوة نعيش معا من أجل خير الإنسان في كل مكان.وهنا لا يسعني إلا أن أشكركم وأقدر عاليا أتعابكم وأتمنى لكم الصحة والنجاح والتقدم.



#حكيم_نديم_الدداوودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- ماذا نعرف عن المقترح المصري القطري الذي قبلته -حماس- بشأن وق ...
- وسائل إعلام: توقيف مسؤول أمني أوكراني للاشتباه بتسريبه معلوم ...
- -أوكسفام-: لا مصداقية لادعاءات إسرائيل بإجلاء آمن للمدنيين م ...
- أمير الكويت يزور تركيا لأول مرة بعد توليه مقاليد السلطة
- سويني خلفا لحمزة يوسف في قيادة الحزب الوطني الاسكتلندي
- مراسل RT: الطيران الإسرائيلي يستهدف محيط معبر رفح على الحدود ...
- بعد أيام من اختراق الجيش الألماني.. قراصنة يخترقون وزارة دفا ...
- مصر: لا توجد محاولات نزوح لفلسطينيين لأراضينا من معبر رفح
- مسيرة الفوج الخالد في لبنان
- تركيا تفتتح رسميا كنيسة ومتحف -خورا- البيزنطي كمسجد (صور)


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - حكيم نديم الدداوودي - الكاتب والسياسي احمد رجب- وقفة استذكار ووفاء لأيام النضال والمحن من أجل الوطن